ما شاب العملية السياسية العراقية ( الديمقراطية ) التي سادت الساحة العراقية بعد 2003 , من ظروف واشكاليات معقدة وصعبة ، وربما مؤلمة وقاسية لكتل واحزاب سياسية عراقية خذلتها الظروف، استهوت البعض وهو كثير ومن باب التشفي او الغرض المقصود او حتى تصفية حسابات مع هذا الطرف او ذاك بمواقف ضعيفة مستهجنة لا تسندها ولا تدعمها القراءة الموضوعية لساحة مضطربة امنيا وسياسيا كالساحة العراقية ، ولا يمكن لاي متابع نزيهه وحريص ان يستوعبها ويهضمها دون الاخذ بمجمل العملية السياسية التي افرزتها الحرب وسقوط النظام عام 2003 . ولا بد من العودة الى فترة سابقة اتسمت بالعنف والقسوة وحروب داخلية وخارجية لتتاح فرصة اكبر لمعرفة ماهو شائك ومعقد في المشهد العراقي والانتخابات ( 30-04-2014 ) الاخيرة محطة تحمل بعض ملامح التعقيد ولا يمكن الحكم بنجاح هذا الطرف او اخفاق طرف اخر دون الالمام والدراية بالاشكاليات ومجمل الظروف .
مرد القول المأزق السياسي لجميع الكتل والاحزاب السياسية العراقية داخل البرلمان العراقي ( البائس ) والحكومة العراقية المنتهية ولايتها حول من سيتولى رئاسة مجلس الوزراء للفترة المقبلة ، هذا المأزق يأتي وسط ظروف كارثية تحيط بالوطن والمواطنين العراقيين من هجمة ارهابية ل ( داعش ) الارهابية والفلول البعثية ووسط هجرة ونزوح مليوني وما رافقه ويرافقه من سبي لنسائنا وقتل لرجالنا ومن عملية تفتيت وتقسيم فعلي للدولة العراقية ، هذا الظرف كشف زيف وبطلان شرعية حكومة السيد المالكي اولا واخيرا خرافة العملية ( الديمقراطية ) من برلمان لايستحق إلا اللعنة ، اغلب اعضاءه من سياسي الصدفة وهم عار كما الحكومة .
امر اخر ذو اهمية وجدوى ان من يحاول التغيير والتجديد ومطالبه مقبولة و مسموعة , ان يكون اهلاً للمسؤولية وارضيته صلبة ودوره ونشاطه محسوس ومؤثر داخل الحيز والمكان وبرؤية واقعية علمية يستوعبها ويتفاعل معها الشارع العراقي وناسه اولا والوطن اخيرا . الاغلبية تفتقد المصداقية والمؤهلات والموقف لما شاب السنوات العشر الاخيرة .
من اجل عدم الدخول بمطبات الشرح والتفصيل فقد اخترت مرضا نفسيا ومن مصادره المعتمدة ليكون مادة وموضوع بفائدة لتشخيص الواقع السياسي العراقي .
الهذاء Paranoya
هو حالة مرضية ذهنية تتميز باعتتقاد باطل راسخ يتشبث به المريض بالرغم من سخافته وقيام الادلة الموضوعية على عدم صوابه.وتتسم هذاءات المريض بالمنطق،لكنه منطق لا يقوم على أساس صحيح.
ويجب التفريق بين الهذاء كمرض وبين السلوك الهذائي الذي يتسم بالعناد والتمسك الزائد بالآراء وعدم الاعتراف بالخطأ والغرور وإرجاع الفشل إلى تدخل الآخرين. كما يجب التفريق بين الهذاء وبين الفُصام الهذائي، فالمريض بالهذاء لا ينفصل عن الواقع، لكنه يفسره طبقاً لآرائه، لكن مريض الفصام الهذائي تكون اوهامه غريبة شاذة منفصلة عن الواقع.
أيضاً هنك فرق بين مريض الهذاء وبين المهووس، فالاول تكون أوهامه منظمة ومؤكدة وأفكاره ثابتة ودائمة ويكون قلقاً. أما المهووس فتكون اوهامه عابرة وافكاره محلّقة ويكون صاخبا متهيجاً غير مستقر.
أعراض الهذاء
المريض بالهذاء يشك دائما في نوايا الآخرين ويرتاب في دوافعهم، ويعتقد دائماً أن الناس لا يقومون بتقديم خدماتهم أو مساعداتهم إلا لغاية في انفسهم، فتنصرف عنه الناس، عندئذ تزداد شكوكه فيهم وتقوى عنده مشاعر الحقد والغضب عليهم، فهو يرى نفسه ضحية لتآمرهم عليه. وبمرور الوقت تتحول حالته إلى هذاء اضطهادي، فيعزو ما لديه من اختراعات وهمية وما أصابها من إخفاق إلى مضطهديه وكارهي الخير.
وهو يضخم الأمور، ويتصرف بشكل عداوني فيلجأ إلى الإسقاط، اي بدلاً من ان يعلن كرهه ما يقول إن الآخر هو الذي يكرهه.وهو لا يؤمن بالصداقة فهو دائم الشك ، ومن يتودد إليه خاسر ، لأنه سيعتبر تودده فخاً يريد الآخر أن يوقعه فيه .
أنواع الهذاء :
1. هذاء الإضطهاد: كأن يعتقد المريض ان الناس من حوله يتآمرون عليه ويريدون إلحاق الأذى عن عمد.
2.هذاء العظمة : كأن يعتقد المريض أنه شخصية بالغة الأهمية أو النفوذ.
3. هذاء توهم المرض : كأن يعتقد المريض أنه مصاب بمرض عضال رغم كل التحاليل والفحوصات التي تثبت له عكس ذلك.
هذاء التلميح: والهمس والغمز ممن حوله، إذ يتوهم أن كل ذلك موجه ضده بنية سيئة، مما يدفعه إلى إعتزال الناس.
4. الهذاء السوداوي: يعتقد المريض في هذه الحالة أن مصائب الناس والكوارث البيئية والحروب، كلها حدثت بسببه، أي أنه يشعر بالذنب والإثم، لذا يرى أنه يستحق أي عقاب ينزل به.
وبالعودة إلى طفولة الشخص المصاب بالهذاء ، فإننا نرى أنه يتسم بالوحدة والعزلة الاجتماعية وقلة الاصدقاء وعدم القدرة على تبادل الثقة والتقلب الانفعالي وعدم الأمن والشك والعناد، والتبرم والعصبية والحزن. وكلما اقترب الطفل من سن الشباب تزداد السمات التي كان يتسم بها في طفولته لتصل الى حدود الأنانية والمبالغة في تصور الأمور وتعقيدها والتذمر والعدوان كما تزداد لديه مشاعر الاضطهاد أو العظمة.
وفي سنوات الرشد تتضح سمات شخصيته اكثر فنرى الهذائي شخص متزمت، لا يتسامح في النقد والملاحظة، ويستخف بالآخرين .
أسباب الهذاء :
1. اضطراب الجو الأسري وسيادة التسلطية ونقص كفاءة عملية التنشئة الاجتماعية.
2. اضطراب نمو الشخصية قبل المرض وعدم نضجها .
3. الصراع النفسي بين رغبات الفرد في اشباع دوافعه وخوفه من الفشل في إشباعها لتعارضها مع المعايير الاجتماعية والمثل العليا .
4. الإحباط والفشل والإخفاق في معظم مجالات التوافق الاجتماعي والانفعالي في الحياة ، والذل والشعور بالنقص وجرح الأنا .
5. المشاكل الجنسية وسوء التوافق الجنسي، والعنوسة وتأخر الزواج والحرمان الجنسي.
علاج الهذاء :
من الممكن علاج المريض بالهذاء طبياً، وأكثر ما يعتمد عليه هو العلاج بالصدمات الكهربائية، والغاية تخفيف حدة قلق المريض، ومحاولة العمل على تخليصه من الأوهام المسيطرة عليه، وجعله أكثر طواعية، إلا انه لا امل في شفائه تماما.