كان استاذ الغلوم السياسية العراقي سعد ناجي وهو شخصية اكاديمية عراقية معروفة في لندن والعواصم الاوربية وهو المعروف بقدرته التحليلية العالية على استشراف ما قد يحدث في العراق من تطورات دراماتيكية خطيرة ، ومنها سعي رئيس الوزراء نوري المالكي الى “فتح نيران جهنم فعلا ، بعد ان عجزت كل الجهات العراقية ومنها التحالف الوطني عن ترشيح بديل للمالكي الذي يصر على ان ائتلافه دولة القانون هو الكتلة الاكبر في حين يرى التحالف الوطني انه هو الكتلة الاكبر في البرلمان، والى ان يحل هذا البركان الذي كاد ان يتفجر كالقننبة النووية، يبقى العراق على فوهة بركان كان قد اشتعل فعلا منذ عام 2003 ولم ينطفيء حتى الان، لكن المخاوف تعود مجددا من ان هذا البركان قد يتحول الى حرب ابادة يشترك فيها قوى كانت متحالفة فيما بينها واذا بها وقد تفكك عرى وحدتها وبين قوى عراقية ترفض ولاية ثالثة للمالكي وتعد مجيئه الى العراق انتحارا سياسيا.
تطور جديد ظهر على الساحة العربية بعد ان كانت طهران هي من تمسك بورقة من يتقلد رأس السطة في العراق ..وزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرياض يوم الاحد العاشر من اب ليتلتقي العاهل السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز، وقضية العراق ومخاطر داعش وتمددها الخطير في هذا البلد ودول اخرى ومن احتمالات وصولها الى دول الخليج واحداث غزة على رأس المباحثات التي يجريها السيسي في الرياض.
المراقبون يرون ان المالكي ربما يقدم على نفس السيناريو الذي اقدم عليه الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السياسي للقيام بانقلاب عسكري شبيه لما جرى في مصر على يد اليسي وازاح خصمه من الاخوان محمود مرسي ، ويبدو ان المالكي مغرم بالطريقة التي اقدم عليها السيسي ولهذا عمل على تعزيز العلاقة مع مصر في كل المجالات وبخاصة الاقتصادية اذ قدم المالكي تسهيلات لمصر تقارب الاربعة مليارات دولار ومنح مصر تحويلات للمصريين بمقدار مليون دولار، واضطرت مصر مقابل هذا الاستجابة لمطالب المالكي بمساندته بل وإغلاق قنوات فضائية عراقية كانت تبث على قمر ( نيل سات ) ، وساندت مصر مواقف المالكي في الجامعة العربية وفي مواجهته للمكون الاخر ، ورأى الاخير ان بامكان السيسي ان يوفر له غطاء عربيا للقبول به على الساحة العربية.
التطور الخطير الذي استدعى السيسي زيارة السعودية هو امتدادات داعش في العراق ودول مجاورة وباتت حتى السعودية ودول الخليج ومصر على مقربة منها ولهذا فأن السيسي يخشى من امتدادات داعش في المنطقة وبخاصة ان مصر اكتشفت قبل ايام خلايا من هذا النوع، وربما يرى السيسي ان تخلي مصر عن العراق وعدم المساهمة بدور يذكر يترك الساحة لايران لان تقرر على هواها مستقبل العراق وبخاصة ان امريكا لم تظهر اية خطوة تلجم بها نوايا ايران ولم تتدخل بما يكفي لاخماد نيران الحريق الملتهب في العراق الا بخطوات خجولة لاتتناسب والخطر الداهم الذي يواجهه العراق ودول المنطقة.
ربما كان رئيس وكالة ابناء الشرق الاوسط المصرية مصيا جدا حين قال ان “داعش” صناعة امريكية صهيونية ، مستدلا على ان الولايات المتحدة لم تحرك ساكنا لمواجهة تداعيات خطيرة اقدمت عليها داعش في العراق، مشيرا الى رضا واشنطن عما يجري في العراق ودعم اسرائيل وايران لداعش ولولاها لما تمكنت داعش من احداث كل هذا الارباك في الوضع العراقي، ولكن واشنطن ارادات ايصال رسالة ليس الى العراق فقط ولكن الى كل دول المنطقة ان وجودها مهدد ، وانها لامكان لبقائها الا بالاحتماء بامريكا واسرائيل فهما الوحيدتان الللتان تقررن مستقبل المنطقة وهما من تزيدان النيران التهابا ان لم تنصاع بقية الانظمة العربية للولايات المتحدة وتقيم علاقات مع اسرائيل، وان وجودها مهدد في كل الاحوال وما اعلان امريكا مواجهة داعش الا غطاء مهللا لايقلل من هذا الخطر او يوقفه ان لم يجعله يتفاقم بصورة اكثر دراماتيكية ، لتبقى واشنطن وتل ابيب وحتى طهران هي المتحكمة بملفات المنطقة والدليل هو التفاهم غير المسبوق بين واشنطن وايران في قضية ملفها النووي والهدوء اللافت للنظر الذي ساد العلاقات بينهما ان لم تكن واشنطن قد كأفات طهران باربعة مليارات دولار على انصياعها لرغبة الغرب بالتعاون معه، في وقت كان الغرب يثير الزوابع الاعلامية ليل نهارعلى ان ايران وبرنامجها النووي يهددان مستقبل الغرب والعالم وانه ليس بمقدور واشنطن والعواصم الغربية ان تنام أو يستقر لها بال وتشعر بالاستقرار مادامت طهران تسعى الى امتلاك سلاح نووي ، وبقدرة قادر انطفأت نيران هذه الازمة التي كانت مستعرة وعادت العلاقات بين ايران الغرب الى سابق عهدها، وأصبحت العلاقة كما يصفها العراقيون ( دهن ودبس ) للدلالة على تفاهم وتنسيق ورضى وتناغم في الرؤى والتوجهات بين ايران والغرب وانهم تحولوا الى ( حبايب ) ولم تعد ايران الغول الذي يهدد واشنطن والعواصم الغربية وتحولت بين ليلة وضحاها الى ( حمل وديع ) بقدرة قادر!!
نعود الى الانقلاب العسكري المنتظر في العراق وربما اعلان الاحكام العرفية بعدما اشار محللون رفيعو المستوى ومنهم الدكتور والاكاديمي البارع سعد ناجي في مقابلته مع قناة الشرقية والذي كان قد وضع اليد على الجرح وشرح بإسهاب ورؤية متفتحة كل تطورات الاحتمالات الجارية او المتوقعة في العراق، وما قد يسعى اليها المالكي من خطوات تحتمل الكثير لكن آخرها هو الانقلاب العسكري اذا ما رأي ان الابواب ربما اصبحت موصدة بوجهه ، وان الاخرين ممن كانوا حلفائه وقد انقلبوا عليه وأرادوا أن يزيحوه عن واجهة الاحداث انسجاما مع الرغبة العراقية لقوى سياسية من اطراف المكون العربي والتحالف الكردستاني بأن يروا عراقا بدون المالكي. وحتى اذا تم تكليف المالكي بتشكيل من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم فانه قد لايحصل على الاصوات الكافية لقبولها في البرلمان عندها سيكلف معصوم الكتلة الاكبر الاخرى وهي التحالف الوطني بتشكيل الحكومة ويجد مرشحها القبول من الكتل الاخرى الرئيسة في البرلمان، لكن المالكي لايترك التحالف الوطني يهنأ بما انجزه بأن يكون مرشح التحالف الوطني هو من سيستحوذ على سدة الحكم وقد يقدم على ( انقلاب عسكري ) بحجة ان وضع البلاد خطير ويستوجب ان يواجه الجميع هذا الخطر، ويحل البرلمان ويدعو لانتخابات جديدة اخرى عندها تكون فعلا ابواب العراق قد فتحت مجددا امام نيران جهنم!!