التعريف بزكاة الفطرة:
الزكاة معروفة، والفطرة فعلة من الفطر، وأصله الشق، واستعمل بمعنى الخلق، فتكون الفطرة بمعنى الخلقة أي الحالة التي عليها الخلق، ومن هنا جاءت تسمية “زكاة الأبدان”، ولعل المقصود فطرة الإسلام كما ورد عن رسول الله (ص) ” كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه “، وقد تُسمى “زكاة الفطر”-لم ترد عبارة زكاة الفطر في المصادر الشيعية حسب تتبعي- أو يتم اعتبار كلمة “الفطرة” مرتبطة بعيد الفطر وهو أمر محتمل.
ما يتعلق بزكاة الفطرة من مذهب أهل البيت عليهم السلام:
أ-شرائط وجوبها:
الأول : التكليف ، فلا تجب على الصبي. والمجنون إذا كان غنياً فالأحوط لوليه أن يدفع زكاة فطرته من ماله.
الثاني : الغنى فلا تجب على الفقير الذي لا يجد قوت سنته فعلاً ولا قوة، وإن كان يستحب له إخراجها.
الثالث: عدم الإغماء ، فلا تجب على من أهلّ شوال عليه وهو مغمى عليه، وعلى رأي بعض الفقهاء-كالشيخ اليعقوبي- فالأحوط عدم الاشتراط.
وإذا فقد أي من هذه الشروط قبل الغروب من ليلة عيد الفطر أو مقارناً للغروب لم تجب.
يجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كل من هو مسؤول عن إعالته، سواء أكان واجب النفقة أم غيره، قريباً أم بعيداً، مسلماً أم كافراً، صغيراً أم كبيراً، بل حتى عن الضيف الذي ينزل عنده قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد.
ب-وقتها:
وقت وجوب هذه الزكاة هو ليلة الفطر عند الغروب. ووقت إخراجها يوم الفطر من طلوع الشمس إلى الزوال، فان لم يدفع ولم يعزل حتى زالت الشمس من يوم الفطر، فالأحوط، الإتيان بها بقصد الرجاء أو ما في الذمة أو القربة المطلقة, ويمتد هذا الاحتياط طول يوم الفطر, بل طول السنة، بل طول العمر. ويجوز تقديمها في شهر رمضان، بعنوان القرض ثم يحتسبها زكاة في وقت الأداء.
ج-جنسها:
كل ما كان قوتاً لغالب الناس أو البلد ، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والذرة وغيرها بنفسها أو بما يعادلها نقداً. والأفضل التمر والزبيب.
د-مقدارها:
المقدار الواجب دفعه في زكاة الفطرة عن الفرد الواحد هو صاع، والصاع أربعة أمداد، إذ يساوي المد ثلاثة أرباع الكيلوغرام تقريباً فزكاة الفطرة ثلاثة كيلوغرامات تقريباً.
هـ-مستحقيها:
نفس مستحقي الزكاة أي الأصناف الثمانية.
البعد التربوي:
يمكن أن نستفيد الكثير من الدروس التربوية من زكاة الفطرة ومنها:
1-توقيتها في شهر رمضان المبارك، وفي نهايته بالضبط، وليلة عيد الفطر بالذات، حيث الناس قد ذاقت الجوع والعطش وعرفت شيء من ألم الحرمان، وقد أقلبت على يوم عيد يطلق فيه العنان-بشروط الشريعة- للتلذذ بنعمة الطعام والشراب في النهار بعد منع استمر شهر، فالصائم يكون في أقرب حالاته لتقبل العطاء خاصة في جانب الطعام.
2-توقيت إخراجها يوم العيد له مداليل كثيرة منها: مشاركة الفقراء حالهم والمساهمة بإفراحهم في العيد، وكونهم بحاجة للأموال أكثر في العيد، ومنها دخول العيد في طاعة مالية-إن صح التعبير- فيكون ذلك حافزاً على عدم الإسراف.
3-التشديد على إخراجها، وعلى الجميع حتى الضيف، والطفل الذي يولد ليلة العيد وتسميتها زكاة الأبدان والقول بكونها مطهرة للبدن حافظة من الموت ولعل المقصود ميتة السوء أو إنها تطيل العمر فالموت لا يمنع منه مانع.
4-تقوية مفهوم العائلة، باعتبار تركيزها على مفهوم الإعالة وضرورة إخراجها عن الجميع، وقد ورد إنه يستحب حتى للفقير إخراجها وذلك بأخذ حصة فرد واحد ونقلها من فرد لآخر في العائلة ثم يصرفونها على أنفسهم، وهذه رسالة على أهمية العائلة وتماسكها عبر ذكر نماذج للمشتركات.
5-أختيار الأصناف مما يُعد من قوت غالب الناس كالطحين والتمر وغيرهما، حتى لا يشعر الفقير بأنه أقل من الآخرين، وحتى يكون مقدار العوض المالي معقولاً، وهذه رسالة للجميع بالاقتصاد والاعتدال وتقليل السعي للتميز عن الآخرين.
6-يستحب أن تعطى للأقارب من المستحقين فإن لم يجد فمن أهل المدينة ولا تخرج خارج البلد إلا في حال وجود مستحق، وهذه دروس في التكاتف والاهتمام بالأقرب لأن المسؤولية تقع على عاتق الأقرب له لأنه أعلم بحاله مع عدم إهمال الأبعد في حال توفر زيادة.
وغير ذلك من الدروس.
البعد الاقتصادي:
يبلغ عدد المسلمين (1,700,000,000 مليار وسبعمائة مليون) بحسب التقديرات، وزكاة الفطرة واجبة على الجميع (نسبة الفقراء في العالم الإسلامي وفقاً للإحصائيات هي 37% ، لو افترضنا إنها تمثل النسبة الواقعية للفقراء فيكون العدد (629,000,000 ستمائة وتسعة وعشرون مليون)، فيكون الباقي ممكن تجب عليهم الزكاة بالمباشرة أو بالإعالة تقديراً (1,071,000,000 مليار وأحدى وسبعون مليون).
زكاة الفطرة في الحد الأدنى للفرد تبلغ قيمتها النقدية (2000 دينار عراقي) أي بحدود (1,6 دولار).
وحدها الأعلى قد يصل لعشرة أو خمسة عشر ضعفاً بحسب جنس الطعام وتوقيت إخراجها والبلد، فوفقاً لذلك قد تصل لـ (35000 دينار عراقي) أي بحدود (28 دولار).
فتكون قيمة المبلغ الكلي المتحصل من زكاة الفطرة على فرض الحد الأدنى بحدود (1,715,000,000 مليار وسبعمائة وخمسة عشر مليون دولار).
فتكون قيمة المبلغ الكلي المتحصل من زكاة الفطرة على فرض الحد الأعلى بحدود (30,000,000,000 ثلاثون مليار دولار).
أي بمعدل تقريبي (15 مليار دولار) سنوياً.
وهي مبالغ كبيرة يمكن تحقيق الكثير من الأمور في المجتمعات الإسلامية على الأقل.
ونقترح للاستفادة منها ما يلي:
1-إنشاء صندوق عالمي لها أو لجزء منها أو لكل بلد صندوق أو لكل مدينة صندوق لتودع فيه أموال زكاة الفطرة.
2-تخصص المبالغ لمعالجة مشكلة الفقر بشكل أساسي وباقي المشاكل الأخرى.
3-استثمار المبالغ أو جزء منها في مشاريع استثمارية تخصص أرباحها لمعالجة نفس المشاكل الفقر وغيره، ويتم توظيف الفقراء وأبناءهم في تلك المشاريع لتخليصهم من الفقر.