في غمرة الاحداث العاصفة التي يشهدها العراق في الآونة الأخيرة وظهور الطفح الطائفي بأبشع صوره على شرائح واسعة من المجتمع العراقي ترتسم ملامح التشاؤم على محيّا الكثيرين ممن لا يعنيهم سوى رؤية احبابهم يعيشون .. نعم فقط يعيشون ولو بالحد الأدنى من كرامة الانسان التي تحفظ لهم ماء الوجوه التي شوهتها الصراعات .
ازدحام المشهد العراقي واتسامه بالمآسي وانشغال الرعاة عن الرعية بمناصبهم واقتسام الغنائم جعل طوائف من الناس في عداد المنسيين ، مئات العوائل التي شردتهم المعارك وهجّرتهم الميليشيات المتطرفة عن مساكنهم بلا ذنب اقترفوه ولا جرم عملوه .. مسلمون سنة وشيعة ، مسيحيون وتركمان ومن كل الطوائف والاعراق ذنبهم الوحيد انهم كانوا في المكان الخطأ بنظر الإرهاب الذي لا يرقب بأحد إلّا ولا ذمة ، ولكن هل عُدم الخير بابناء هذا البلد ؟؟ الجواب بلا شك لا .
فكم افرحني وافرح الكثيرين واثلج صدورهم أولئك الفتية والشباب الغيورون على حرمة النساء وطفولة الصغار وشيبة المسنين الكبار حين اطلقوا حملة ( غوث ) لإعانة وإغاثة المنكوبين من تلك العوائل في مخيمات النازحين حين اطلقوا حملتهم على مواقع التواصل الاجتماعي كي يوصلوا صوتهم ونداءهم لمن تجود نفسه بتقديم ما تيسّر لديهم حتى وإن قل لادخال الفرحة في نفوس المكلومين المعذبين .
وقفة اجدها صفعة موجعة بوجه كل سياسي جشع أحمق شغله المنصب وأعماه عن رؤية واقع أهله الذين لولاهم لما كان على ما هو عليه وما وصل لما كان يوما يحلم به وهي بنفس الوقت تعطينا أملا ولو كان ضئيلا بوجود الخير بين أبناء البلد من الشباب الراقي الذي لم تلوّثه البيئة المتسخة التي انتشرت في العراق ، فلا ينبغي الاستغراق في التشاؤم فالطيبة ونقاء السرائر بذور متناثرة تحتاج مَن يرويها ولو بكلمة ويعضدها بسواعد العطاء من الخيرين مهما بلغ الخَبَث مداه .
لكم الف تحية وانحناءة يا من أعدتم لنا صورة العراقي النقي الذي لا تدور في خلجاته ولو للحظة حين يفكر بالمبادرة ان يبنيها على أي اعتبار خارج اطار الإنسانية وحين يجهَد ويبذل لا ينتظر مدحا ولا يرتقب ثناءً .. دمتم لنا نموذجا راقيا يعيد لنا ذكريات الأيام لجميلة