قال المفكر الإسلامي السعودي حسن بن فرحان المالكي انه طلب مني بعض الناس تفسير
قول الواقدي ( كان علي بن أبي طالب معجزة النبي) فأجبت هذا القول له معنى صحيح وخلاصته : أن أبناءك يعرفون من عيوبك أكثر مما يعرف أصدقاؤك والأبعدون وبما أن الإمام علي (ع) كان ذروة في العلم والتقوى والزهد والعدل وحب النبي الخ … فمعنى هذا أن الإمام رأى من جلال رسول الله وسمو خلقه وصدقه وسيرته ما جعل هذا الإمام يهتز إذا ذكر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله , فإيمان الإمام علي القوي بالنبوة ، وشدة حبه وتعظيمه للنبي يؤكد أن ما تيقنه الأقرب المخالط كان أكبر مما عرفه الأبعد ، وهذا عكس طبيعة الخلق.
فأبناؤنا والمقربون يعرفون من عيوبنا أكثر مما يعرف الأبعدون إلا النبي صلوات الله عليه وهذا ناموس الأنبياء أنك كلما اقتربت منهم جذبوك أكثر , ولي تفسير آخر لكلمة الواقدي وهو أن تفجر الإمام علي علماً وحكمة وفصاحة وذكاء ( وهو تربية النبي وحده تقريباً) دليل على تربية نبوة ولذلك عندما يصل الإمام علي (ع) للخلافة ثم يحرم نفسه من اجتماع إدامين ( كالزيت والملح ) ولا يجمعهما، فالملح عنده إدام ، فماذا يعني؟ يعني اليقين … يعني اليقين بهذه النبوة وبرر الإمام علي فعله بأن الله أخذ على أئمة العدل أن يكونوا كأدنى الناس طعاماً والسؤال: من أين أتت هذه
المعاني؟ لن تأتي هذه المعاني إلا من نبوة فالأنبياء سيرتهم واحدة في الزهد، في الغنى والفقر، قد أخلصوا أنفسهم لله، فأستخلصهم، وألزموا أنفسهم الزهد أما غير الأنبياء من سائر المحتالين فقد يتظاهرون بالزهد، ثم لما تنفتح عليهم الدنيا يقعون في الثراء وهذا ما لم يفعله النبي ولا الإمام علي صحيح أن الزهد في بعض الصحابة والتابعين والأمة أيضاً لكن زهد الإمام علي وتقواه كان له منهج خاص ، هو يعلل بعلل علمية أجمل من الزهد نفسه ….
والإمام علي هو القائل ( ما جاع فقير إلا بما متع به غني ) هذه العبارة فيها خلاصة سنة الله ومعنى ( ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها )! … نعم فالله قد أعطى كل بني آدم أرزاقهم في الدنيا , ولكن استولى بعض الخلق على أرزاق آخرين , ومن واجب الآخرين أن يطالبوا بحقوقهم من هذه الأرزاق مثلما تترك لعائلتك عشرة آلاف عندما تسافر وهذه العشرة آلاف تكفيهم فأنت قد أديت الواجب عليك وبقي على العائلة واجب حفظ هذا المال ورعايته , فإذا فرطت العائلة في المال وأعطته أحدهم ثم ذهب يبذره فالذنب ذنبها لا ذنبك لا سيما وأنك قد أخبرتهم بطريقة صرف هذا المال لكن
العائلة عصتك
كان الإمام علي مكتملاً وما أن تبحر في صفة من صفاته
حتى تظن أنها الأبرز علماً وشجاعة وقرباً ونسباً وزهداً ومروءة وشهامة وصبراً الخ… كان حجة مكتملة ليس لأحد عذر في الانحراف عنه لا من الزهاد ولا أهل العصبية ولا العلماء ولا العارفين ولا أهل المروءة والأخلاق ولا المستضعفين
لذلك لا يحبه إلا مؤمن شريف ولا يبغضه إلا منافق لئيم وقد حماه الله من حب كل لئيم ومنافق, كما حمى رسوله من قبل… ونحن نتمم ما أكمله فضيلة الشيخ المالكي فنقول : مقولة الواقدي هذه في غاية الصحة وتوجيهها ان المعجزة ما يعجز البشر عن الاتيان بمثلها وعلي بن ابي طالب (ع) صناعة الرسول (صلى) التي هي تحت ارادة الخالق بحيث يعجز اي مربي يريد ان يصنع شخصية تخلفه مثل ما صنعه الرسول في شخصية علي الخارقه للعادة في كل جوانب… ان قرب الامام على من الرسول منذ طفولته ومرافقته له وزيارته فى مكان التعبد بالجبل حتى ان عليا (ع) قال كنت معه فى غار حراء ( أرى نور
الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة) ، يجعله بلا ادنى شك اقرب الصور الإنسانية للنبي ان لم يكن نسخة قريبة الشبه به ، فاذا كان الواحد منا يتشبه بوالده حين يرافقه فما بالك بمرافقة نبى الم يقل فيه الرسول (صلى) بحديث صحيح السند على مني وانا من علي , الم يدخره النبي لنفسه في المؤاخاة بعد ان اخا المسلمين بعضهم ببعض .
كيف لا يكون عليا (ع) معجزة وقتلى بدر نيف وستون ثلاثة وعشرون او اثنان وعشرون قتلهم علي والأربعون لسائر المسلمين كما يقول ابن هشام في سيرته ج2 ص 436
وكيف لا يكون عليا معجزة وهو قلع باب خيبر لوحدة ثم رمى به خلف ظهره أربعين ذراعا وقيل حمل الباب على ظهره حتّى صعد المسلمون عليه ودخلوا الحصن ولقد تكلف حمله أربعون رجلا فما أطاقوه
وكيف لا يكون عليا (ع) معجزة وهو من ردت له الشمس لكي يصلي مرتان الاولى : فقد روي عن اسماء بنت عميس ان النبي (صلى) نام على ركبة علي (ع) ففاتته صلاة العصر فردت الشمس حتى صلى وهذا ما ذكره الطبري في معجمه والحاكم والبيهقي في الدلائل وابن حجر في الصواعق المحرقة والثانية ردت له الشمس لما اراد ان يعبر الفرات ببابل حيث اشتغل كثير من اصحابه بتعبير رجالهم ودوابهم فصلى بنفسه في طائفة العصر فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس فتكلموا اصحابه فلما سمع كلامهم سال الله تعالى ان ترد الشمس عليه لتجتمع اصحابه على صلاة العصر فاجابه الله في ردها هذا
ما ذكره اتباع اهل البيت , وكيف لا يكون عليا (ع) معجزة وهو لما كان يوم أحد انهزم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى لم يبق معه إلا علي (ع) وأبو دجانة سماك بن خرشة، وكان علي (ع) كلما حملت طائفة على رسول الله صلى الله عليه وآله استقبلهم وردهم حتى أكثر فيهم القتل والجراحات فانكسر سيفه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : يارسول الله إن الرجل يقاتل بسلاحه وقد انكسر سيفي، فأعطاه عليه السلام سيفه ذا الفقار، فما زال يدفع به عن رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أثر وأنكر، فنزل عليه جبرئيل وقال : يا محمد إن هذه لهي المواساة من علي عليه
السلام لك، فقال النبي صلى الله عليه وآله : إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام : وأنا منكما، وسمعوا دويا من السماء : لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي , وكيف تكون المعجزة كيف لا يكون معجزة وهو الذي يقول لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا” هذا هو اليقين بالله واياته و غيبه وهذا باب علم رسول , كيف لا يكون عليا معجزة والرسول يقول فيه يا علي ما عرفك الا الله وأنا وقال فيه علي مع الحق والحق مع علي , الشخص يكون مع الحق طبيعي جدا ولكن الحق يكون مع الشخص ملازما له هي المعجزة بعينها .