الشرق الأوسط في مفترق طرق 2026 ملفات فلسطينية وإقليمية مع تحديات العلاقة الأمريكية – الإيرانية

الشرق الأوسط في مفترق طرق 2026 ملفات فلسطينية وإقليمية مع تحديات العلاقة الأمريكية – الإيرانية

في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية  تتجه الأنظار إلى عام ٢٠٢٦ الذي يبدو كأنه سيكون عام المفاجآت والتغيرات الجذرية في كثير من الملفات الحساسة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تمر بمنعطف هام بالإضافة إلى التوترات الإقليمية والدولية التي تعيد تشكيل خريطة التحالفات والمصالح في المنطقة. ويأتي الملف الإيراني الأمريكي كأحد أهم العوامل المؤثرة التي قد تحدد مسارات السلام أو التصعيد في السنوات القادمة. تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة ومفاجآت غير متوقعة قد تحدث في عام ٢٠٢٦  حيث تتصاعد الأحداث بسرعة وترتفع علامات الاستفهام حول المستقبل خاصة بعد التطورات الأخيرة التي جرت في الملف الفلسطيني والإقليمي فقد قامت إسرائيل بقصف وفد حماس داخل قطر مما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين وقطري واحد في الوقت الذي تقوم فيه قطر بدور الوساطة بين الطرفين وتبذل جهوداً استثنائية لتقريب وجهات النظر وتقليل فجوات الاختلاف مما جعل هذا الهجوم غير متوقع. وبعد عشرين يوماً أعلنت إسرائيل وعلى لسان رئيس حكومتها اعتذاراً رسمياً إلى قطر بعد ضغوط أمريكية من الرئيس ترامب على نتنياهو ومن ثم أعلنت قطر إعادة ترتيب المفاوضات مع وفد حماس من جديد.

في ظل هذه الأحداث يعقد الرئيس الأمريكي اجتماعات مع رؤساء الوفود المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة معلناً عن خطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة التي وافقت عليها إسرائيل بالرغم من عنادها السابق واستهتارها بحق الشعب الفلسطيني خلال السنوات الماضية. بينما تعلن أمريكا رغبتها في إعادة قاعدتها العسكرية في أفغانستان لكن حكومة طالبان ترفض هذا الطلب بشدة وتؤكد أن أفغانستان لن تقبل بوجود الغرباء على أرضها.

وفي هذا السياق يأتي الحدث الأهم وهو اعتراف أغلب دول العالم بإقامة الدولة الفلسطينية ما يمثل نقطة تحول تاريخية تعزز الشرعية السياسية للفلسطينيين وتزيد من الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الاحتلال وفتح باب المفاوضات على أسس جديدة. ويغير هذا الاعتراف ديناميكية الصراع ويزيد من دعم المجتمع الدولي للقضية الفلسطينيةً ويعزز التعاون مع السلطة الفلسطينية ويثير ردود فعل إسرائيلية قد تتضمن تشديد الإجراءات الأمنية أو تحركات دبلوماسية لمحاولة الحد من تأثير هذا الاعتراف. بينما يبرز دور كبير ينتظر كل من تركيا وإيران والسعودية التي تمثل دول الخليج العربي فاللاعبون الثلاثة يعتبرون من القوى الإقليمية المؤثرة التي قد تشكل مستقبل المنطقة. وتركيا تسعى لأن تكون قوة إقليمية مؤثرة عبر دعم بعض الفصائل الفلسطينية وتحسين علاقاتها مع الدول العربية بينما إيران ترى نفسها المدافع الرئيسي عن الفلسطينيين وتستخدم هذا الملف لتعزيز نفوذها في المنطقة. أما السعودية فهي تلعب دوراً محورياً في الخليج وتوازن بين دعم القضية الفلسطينية ورغبتها في تحسين علاقاتها مع إسرائيل ودول الغرب لتحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.  مع هذا التوازن تعكس الخطط الأمريكية رغبة في إنهاء الحرب في غزة بأسرع وقت ممكن لتركز على أهدافها الكبرى المتمثلة في التفرغ لمواجهة الصين وهزيمة روسيا حيث تسعى أمريكا لتقليل انشغالاتها في الشرق الأوسط لتحرير موارد ضخمة توجهها للتحديات الاستراتيجية الكبرى في العالم. ويبرز اختلاف الأهداف بين أمريكا وإسرائيل حيث تركز إسرائيل على ضمان أمنها المباشر بينما تسعى أمريكا لاستقرار إقليمي يسمح لها بالتركيز على المنافسات العالمية.

في ظل هذه التطورات تستدعي أمريكا قياداتها في اجتماعات سرية وتجري تغييرات سريعة في القيادات العسكرية مما يعطي مؤشراً واضحاً على استعدادها لأحداث قريبة وربما تحركات استراتيجية كبيرة في المنطقة. وقد يكون ذلك تحضيراً لعمليات عسكرية أو تغييرات في الاستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط كرد فعل على معلومات استخباراتية عن تهديدات جديدة أو تحركات عسكرية إقليمية أو دولية. وهذه التحركات تعكس رغبة في التأهب لأحداث قد تتسارع في الفترة القادمة سواء كانت سياسية أو عسكرية أو دبلوماسية.

وبالتالي يبقى السؤال عن مدى استعداد إسرائيل للتراجع عن مواقفها الصلبة تحت ضغط دولي وأمريكي وما إذا كان الفلسطينيون مستعدون لقبول حلول وسط في ظل هذه الظروف وهل ستنجح تركيا وإيران والسعودية في تنسيق جهودها لدعم القضية الفلسطينية رغم الخلافات الإقليمية الحالية في ظل رغبة أمريكا في إعادة ترتيب أوراقها لتواجه التحديات الكبرى في العالم. وهكذا فإن عام ٢٠٢٦ قد يكون نقطة فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط يحمل في طياته الكثير من المفاجآت والتغيرات التي ستحدد مستقبل المنطقة لعقود قادمة.

أما بالنسبة للعلاقة بين أمريكا وإيران فيبدو الموقف هدوءاً سطحياً لكنه يخفي تحت طياته توترات عميقة متراكمة لا يمكن تجاهلهاً حيث يستمر الحصار الأمريكي والأوروبي على إيران بأقصى طاقته مما يشكل ضغطاً اقتصادياً وسياسياً كبيراً على النظام الإيراني قد يؤدي إلى توترات داخلية وربما انفجارات اجتماعية وسياسية تعول عليها أمريكا لإحداث تغيير داخلي أو إضعاف النفوذ الإيراني الإقليمي.

ومع ذلك لا يمكن استبعاد وجود قنوات دبلوماسية سرية تعمل تحت الطاولة لإبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الطرفين فحتى في أسوأ فترات التوتر كانت هناك محاولات للتقريب والحوار لتجنب تصعيد شامل قد يؤدي إلى حرب مفتوحة أو زعزعة أكبر للاستقرار الإقليمي. ولذلك يظهر المشهد متناقضاً بين تصاعد الحصار والضغط من جهة وبين بقاء بعض الإشارات الدبلوماسية من جهة أخرى.

يبقى السؤال الأهم هو هل ستنجح هذه القنوات في إيجاد أرضية مشتركة تسمح للطرفين بتحقيق مصالحهما بدون الدخول في صراعات مفتوحة وهل لدى الطرفين الإرادة السياسية للتوصل إلى تفاهمات تنهي حالة التوتر المستمرة. أما عن توقيت أي تصعيد محتمل فلا أحد يستطيع التنبؤ به بدقة لكنه يبقى وارداً كلما استمر الضغط وتصاعدت التوترات داخل إيران. ومع ذلك يبقى الأمل معقوداً على استمرار العمل الدبلوماسي والسياسي لأن السلام والاستقرار في المنطقة مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بمستقبل العلاقة بين أمريكا وإيران.