25 سبتمبر 2025 11:56 م

اقتربت الفاجعة… عامٌ على اليوم الذي أطفأ قلب الأمة

اقتربت الفاجعة… عامٌ على اليوم الذي أطفأ قلب الأمة

اقتربت الذكرى التي لم نكن نتمنى أن تأتي أبداً… الذكرى التي فيها توقّف الزمن، وانكسر قلب الأمة، وعمّ الحزن حتى غطّى سماء المنطقة. الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد الأسطورة، سماحة السيد حسن نصرالله (رضوان الله عليه)، الرجل الذي لم يكن مجرد قائد، بل كان روحاً تمشي بيننا، وصوتاً يشق الصمت ليزرع الأمل في قلوب الملايين.
في ذلك اليوم الأسود، حين أُعلن خبر استشهاده، عمّت حالة ذهول لم يشهدها تاريخنا المعاصر. بيروت كانت تبكي، الضاحية الجنوبية صارت بحر دموع، الشوارع امتلأت بجموع الناس الذين خرجوا حفاةً، مذهولين، وكأنهم فقدوا أباهم جميعاً في لحظة واحدة. حتى القلوب التي لم تعرف المقاومة عن قرب، شعرت أن خسارتها كبيرة، وأن ركناً من كرامة الأمة قد تهدّم.
كانت لحظة الإعلان كالرصاصة في قلب كل مقاوم. توقّفت الأحاديث، انطفأت الضحكات، وانطلقت مكبّرات الصوت باللطم والبكاء. الرجال بكوا بصوت عالٍ، النساء نُقلن إلى المستشفيات من شدّة الصدمة، الأطفال سألوا ببراءة موجعة: “من سيقف في وجه العدو بعدك يا سيد؟”… مشهد لم تعرفه المنطقة من قبل.
عامٌ كامل مضى… لكن الجرح لم يلتئم، وصوته ما زال يملأ الآذان: صوته حين كان يهدد العدو فيرتجف، ويطمئن جمهور المقاومة فيبتسمون رغم الحصار، ويقول كلمته الشهيرة: “سنكون حيث يجب أن نكون”… واليوم نحن نردّ عليه: “نحن حيث أردتنا أن نكون يا سيد”.
لقد حمل السيد نصرالله مشروعاً أكبر من حياته، مشروع كرامة أمة بكاملها. لم يكن سياسياً يبحث عن منصب، ولا خطيباً يبحث عن تصفيق، كان رجلاً قرأ تاريخ الأنبياء والأولياء، وسار على خطى الحسين، واختار أن يختم حياته شهيداً ليبقى اسمه خالداً.
في ذكرى استشهاده الأولى، لا يكفي أن نذرف الدموع… بل يجب أن نجعل يومه يوم عهد ووفاء، يوم تجديد البيعة لمشروعه الذي أسّسه بدمه الطاهر. يجب أن تتحوّل كل شاشة وكل منصة إلى منبر يصدح بذكره، كل شارع إلى راية سوداء، كل بيت إلى حسينية تقرأ الفاتحة على روحه، كل قلب إلى ساحة مقاومة تقول: “نم قرير العين يا سيد، فنحن على الطريق”.
سيبقى وجهه في الذاكرة كأنه يطل علينا من شاشة قناة المنار ليقول لنا: “أيها الأحبة، إن الله معنا”، وسيبقى صوته نداءً يوقظنا كلما حاول اليأس أن يتسلل إلينا. وستبقى وصيته الأخيرة وصية دم: أن نبقى أوفياء، أن نحمل الراية حتى تحقيق النصر الكبير، حتى يرفرف علم المقاومة على أسوار القدس.
سلام عليك يوم ولدت حراً، يوم وقفت كالجبال في وجه العواصف، يوم استشهدت، ويوم نلقاك على الحوض مع الشهداء والصدّيقين. لن ننساك، ولن نسمح للعالم أن ينساك، فأنت صرت عنوان الكرامة، وصرت قضية أمة بأكملها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات