بين تضحيات الشهداء وتجاهل الكفاءات الدبلوماسية

بين تضحيات الشهداء وتجاهل الكفاءات الدبلوماسية

في مقالته، طرح الأستاذ أحمد الجفال تساؤلاً مؤلمًا: ((هل من المعقول أنه لا توجد كفاءة عربية سنية من نينوى تصلح لأن تكون ضمن قائمة السفراء؟”))
‏أستاذنا الفاضل، الجميع يعلم جيدًا، سواء من الطبقة السياسية أو من رجال الدبلوماسية العراقية أو حتى من رجال المؤسسة العسكرية، أن محافظة نينوى هي العقل الثقافي الأول ومدينة الطبقة الأكاديمية التي لا ينافسها أحد في العراق.  فها هي جامعة الموصل شامخة بكل حضورها الذهبي، يتخرج منها سنويًا أكثر من 10,000 طالب ليذهبوا بشهادة البكالوريوس إلى وظائفهم وممارسة أعمالهم، وهم يتفاخرون لأنهم خريجو هذه الجامعة.
‏وإذا ذهبنا إلى المؤسسة العسكرية، نجد أسماء القادة العسكريين مسطّرة في تاريخ الجيش العراقي، وكأنها تقول إن محافظة نينوى هي مدينة القادة.  ولا يخفى على أحد أن الدبلوماسية العراقية كانت لمحافظة نينوى الحصة الأكبر منذ أن تأسست الدولة العراقية.  وأنا هنا لا أذكر كل الشخصيات التي تقلدت هذا المنصب، لكنني أذكر الدكتور شاذل طاقة، وزير الخارجية العراقي، الذي كان رمزًا دبلوماسيًا لا يمكن لأحد أن يتجاهل اسمه، إضافة إلى كونه أحد شعراء العراق في زمانه وقامة إبداعية لها مؤلفاتها وما زالت شاخصة في التاريخ.
‏إننا نفتخر بكوننا أبناء هذه المحافظة، ونفتخر بأن لدينا من الكفاءات العلمية الذين أثبتوا وجودهم على مستوى العالم، والذين حصلوا على جوائز عالمية.  وكذلك نفتخر بأن كفاءاتنا العلمية أصبحت موجودة في أغلب الجامعات العراقية والعربية، وربما وصل قسم منهم إلى جامعات عالمية أكثر تطورًا في الوقت الحاضر.
‏نعم، إن المحاصصة الطائفية ربما أبعدت أبناء محافظة نينوى عن الحصول على منصب سفير في القوائم الأخيرة.  ولكننا نقولها للتاريخ: من يملك العلم والمعرفة، ويملك الأدب والثقافة، فهو جدير بكل شيء، وهو جدير بأن يكون الدبلوماسي الناجح في وزارة الخارجية.
‏إن أبناء نينوى يكفيهم فخرًا أنهم قدموا الشهداء والتضحيات منذ تأسيس الدولة العراقية وإلى يومنا هذا.  ولا يعتبرون ذلك منّة، بل يعتبرونه واجبًا مقدسًا، وأن الوطن يستحق كل ذلك.  وأن منصب السفراء لا يعنيهم بشيء، لا من قريب ولا من بعيد، لأنهم بناة دولة وطلاب علم، وبعيدون كل البعد عن مفهوم المحاصصة الطائفية.
‏إن محافظة نينوى، بتاريخها العريق وكفاءاتها الرفيعة، تستحق تمثيلًا دبلوماسيًا يتناسب مع مكانتها.  ويجب أن يكون اختيار السفراء قائمًا على الكفاءة والجدارة، بعيدًا عن أي اعتبارات طائفية أو حزبية، لضمان خدمة المصالح الوطنية وتعزيز مكانة العراق على الساحة الدولية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات