الزناد الأوروبي يهدّد النظام الإيراني والميليشيات آخر خطوط دفاعه

الزناد الأوروبي يهدّد النظام الإيراني والميليشيات آخر خطوط دفاعه

النظام الإيراني في مأزق: كلما ضعف في الداخل، تشبّث أكثر بأذرعه في الخارج
بينما يغرق النظام الإيراني في أزمات اقتصادية واجتماعية داخلية تهدد استقراره، يلجأ إلى أذرعه الإقليمية في العراق ولبنان واليمن لتثبيت نفوذه وضمان بقائه. لكن المعادلات تغيّرت، والرفض الشعبي والرسمي يتصاعد ضد سياساته التوسعية.
لاريجاني بين بغداد وبيروت
زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني إلى العراق ولبنان جسّدت حاجة النظام الإيراني إلى أذرعه الخارجية في وقت تتفاقم فيه أزماته الداخلية. فالمهمات التي حملها لم تقتصر على التنسيق الأمني والسياسي، بل شملت السعي للتحايل على العقوبات وضمان استمرار ميليشيات النظام كأدوات نفوذ.
«الزناد» الأوروبي… كابوس طهران
أبرز ما يقلق طهران حالياً هو تهديد الدول الأوروبية الثلاث ـ فرنسا وبريطانيا وألمانيا ـ بتفعيل آلية «سناب باك» إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي جديد قبل نهاية أغسطس. خطوة كهذه ستعيد إيران إلى الفصل السابع في مجلس الأمن وتفرض عقوبات أشد، ما يفتح الباب أمام عزلة خانقة.
الجدل الداخلي احتدم: فريق يرى أن العقوبات ستخنق النظام ولا بد من التفاوض، بينما يدعو آخرون إلى التشدد والتهديد بالصواريخ. هذه الانقسامات تعكس مأزقاً استراتيجياً لا مخرج منه بسهولة.
الداخل يغلي بالأزمات
في الداخل، يعيش الإيرانيون تحت ضغط أزمات متراكمة: انقطاع المياه والكهرباء، نقص الغاز، انهيار العملة والتضخم. حتى الرئيس مسعود بزشكيان أقرّ قائلاً: «لدينا مشكلة في المياه، مشكلة في الكهرباء، مشكلة في المال، مشكلة في التضخم… أين لا توجد مشكلة؟».
وأمام عجز النظام عن تقديم حلول، يلجأ إلى الإعدامات كوسيلة ترهيب. خلال أسبوعين فقط نُفذ حكم الإعدام بحق 93 شخصاً، في محاولة يائسة لردع الشارع، فيما تصاعدت عمليات المقاومة الشعبية عبر استهداف مراكز الحرس الثوري والميليشيات.
العراق… ورقة نفوذ تتآكل
لاريجاني في بغداد ركّز على ثلاثة أهداف رئيسية:
ضمان ألا يُستخدم المجال الجوي العراقي لضرب إيران في حال اندلاع مواجهة.
تسهيل تهريب النفط والتحايل على العقوبات باستخدام الأراضي العراقية.
توحيد الأحزاب والميليشيات الموالية للنظام استعداداً للانتخابات المقبلة.
لكن هذه التحركات لم تُخفِ حقيقة أن النفوذ الإيراني في العراق لم يعد كما كان. الضغوط الأميركية، إلى جانب تنامي مطالب داخلية للحد من تغوّل «الحشد الشعبي»، تؤشر إلى بداية مرحلة جديدة قد تضعف قبضة طهران على القرار العراقي.
لبنان… حزب الله خط أحمر لخامنئي
يعتبر النظام الإيراني نزع سلاح «حزب الله» هزيمة استراتيجية لا تُعوض، لذلك حمل لاريجاني إلى بيروت خطة متكاملة لإفشال أي مسعى داخلي أو خارجي بهذا الاتجاه.
الخطة تشمل الضغط السياسي والإعلامي، وخلق فوضى أمنية عبر جماعات مأجورة، وحتى تنفيذ عمليات سرية ضد أهداف أجنبية للتشويش على المشهد. السفارة الإيرانية في بيروت تحوّلت إلى غرفة عمليات لهذا المشروع.
إلا أن الواقع على الأرض تغيّر. مواقف الرئيس والحكومة اللبنانية، الرافضة علناً للتدخل الإيراني، تعكس وعياً متزايداً بخطورة دور «حزب الله». كما أن الأزمة المالية التي يمر بها الحزب بعد تراجع التمويل الإيراني قلّصت قاعدته الاجتماعية التي كانت مبنية أساساً على شبكة مساعدات مالية وخدماتية.
اليمن… الجبهة الأرخص والأكثر فائدة
في اليمن، يواصل النظام استخدام الحوثيين كورقة منخفضة التكلفة وعالية المردودية. فهم خاضعون كلياً للحرس الثوري، وتتحرك عملياتهم العسكرية وفق إملاءات طهران.
كشفت الحكومة الشرعية مؤخراً عن شحنات ضخمة من الأسلحة الإيرانية بلغت نحو 750 طناً، ما يثبت استمرار الدعم. لذلك، يبقى تعزيز موقع الحكومة الشرعية سياسياً وعسكرياً الخيار الأكثر فاعلية لوقف التمدد الإيراني، لأن أي تهاون سيعني تمكين خامنئي من تثبيت موطئ قدم استراتيجي في خاصرة الخليج.
كلما ضعف الداخل، توسّع الخارج
خلاصة الصورة أن ضعف النظام الإيراني داخلياً يدفعه إلى التشبث بأذرعه الخارجية بقوة أكبر. لكن المؤشرات في العراق ولبنان واليمن تؤكد أن نفوذه لم يعد مطلقاً كما في السابق.
المطلوب اليوم من القوى الوطنية في هذه الدول، بدعم عربي ودولي، هو مواجهة هذا النفوذ بجدية، بدءاً من نزع سلاح «حزب الله» وحلّ «الحشد الشعبي»، وصولاً إلى تحجيم الحوثيين. فالمعادلة باتت واضحة: إسقاط مشروع النظام في الخارج يمرّ عبر فضح سياساته داخلياً وإقليمياً، وقطع الطريق أمام محاولاته المستميتة للتمدد كلما اقترب من حافة السقوط في الداخل.