تربية الأطفال… مسؤولية الفنان العراقي أيضًا!

تربية الأطفال… مسؤولية الفنان العراقي أيضًا!

من الشاشات إلى العقول.. أي طاقة نزرع في أطفالنا
في خضم التحديات الاجتماعية والنفسية التي تواجهها الأسرة العراقية اليوم، لم تعد مسؤولية تربية الأطفال حكرًا على الأبوين فقط, بل أصبحت قضية مجتمعية شاملة تتطلب مشاركة فعالة من جميع الجهات المؤثرة في تشكيل الوعي, وعلى رأسها الفن والإعلام. فشاشة التلفاز لم تعد مجرد وسيلة ترفيه بل تحولت إلى مربٍ صغير يتسلل إلى عقول الأطفال ويشكّل وجدانهم بل ويساهم في رسم ملامح شخصياتهم، أحيانًا أكثر مما يفعل الوالدان.
ومن خلال تجربتي الشخصية وتعلقي الكبير بالتلفاز منذ الصغرلمست أن قانون الجذب الكوني فعّال بوضوح في هذا السياق. إذ إن الطاقات التي ترسلها الأفلام والمسلسلات سواء كانت إيجابية أو سلبية تنعكس على النفس البشرية وتؤثر بها بشكل مباشر فالعقل يتشبع بما يراه ويسمعه ثم يجذب إليه التجارب والمواقف المشابهة في الواقع. ولهذا السبب فإن المحتوى المرئي الذي يُعرض على شاشاتنا لا يُستهان به أبدًا، فهو إما أن يكون أداة لبناء الذات… أو وسيلة لهدمها
لقد بات من الضروري الاعتراف بأن الفن، بكل أشكاله الدراما، السينما، المسرح، وحتى الأغاني يمتلك قوة تأثيرية هائلة، يمكن توظيفها بشكل إيجابي لخدمة القيم التربوية والإنسانية خاصة في عراقنا الجريح الذي مرّ بعقود من الحروب والحصار والانقسامات والتي أفرزت أجيالًا تعاني من تشوهات نفسية وسلوكية وأحيانًا من فقدان البوصلة الأخلاقية والوجدانية.
نشعر اليوم وكأننا نعيش في حقبة مظلمة، تقترب فيها السماء من أن تمطرنا بالنار. ومع تصاعد أزمات الواقع، تزداد الحاجة إلى بناء وعي جديد, قائم على الرحمة والانتماء والإبداع والحوار, ولا سبيل إلى ذلك إلا عبر مشروع وطني طويل الأمد يكون فيه الفنان العراقي في طليعة الصفوف، حاملاً رسالة تنويرية تُعيد للمجتمع توازنه وللأطفال براءتهم
من هنا، نوجه نداؤنا إلى الفنانين العراقيين: أنشدوا للسلام، وأنتجوا للمحبة، واصنعوا شخصيات كرتونية ومسلسلات درامية تغرس القيم لا العنف، وتعيد إحياء التراث الثقافي العراقي بروح عصرية. نريد أفلامًا تُظهر قوة التسامح لا السلاح، وحوارات تزرع الأمل لا اليأس.
نحن بحاجة إلى فن يُربّي كما يُسلي، يُنير كما يُمتع، ويغذّي الروح بطاقة إيجابية تعزز قانون الجذب نحو مستقبل أفضل. فكما كانت الحروب سببًا في ضياع كثير من الأطفال، فإن الفن قادر على أن يكون سببًا في إنقاذهم وبناء مستقبل من رماد السنين.