السيادة الغائبة والفردية الخائبة!!

السيادة الغائبة والفردية الخائبة!!

الدول الأوربية تعلمت الدروس من الحربين العالميتين الأولى والثانية , وأدركت أن السيادة ترتكز على ساقين الأول الإتحاد الأوربي المتكافل والثاني تواجد قوة كبرى خارج الإتحاد تساهم في الحماية والذود عن مصالح دوله.
فحافظوا على سيادتهم بالإتحاد , وبرعاية قوة قادرة على تأمين الأمن والسلامة المناسبة لأعضائه.
ذلك أن الواقع العالمي المعاصر , يشير إلى إستحالة السيادة بالتفرد والتوهم بالإقتدار الذاتي , فلا بد من التحالفات والتفاعلات المتكافلة بين قوى متنوعة.
الدولة المنفردة تكون لقمة سهلة للآخرين مثلما يكون الفرد المعزول عن القطيع فريسة للضواري المتربصة.
وما إنفردت دولة وعاقرت أوهامها إلا وإنتهت إلى مأساة , كما حصل لبعض دول الأمة , وكيف أحيلت إلى ركام , وحالة متفتتة ذات تبديد بيني للطاقات والقدرات , وهدف للنهب والسلب وتدمير القيم والأخلاق وغياب هيبة الدولة ودور القوانين , فيختلط رذيلها بطيبها , وتتشوه الرؤى وتتعدد التصورات.
ولا سبيل أمام دول الأمة سوى تفعيل إرادة التفاعل الإيجابي الإتحادي , وإنشاء الروابط التكافلية , وتنشيط دور الجامعة العربية , والإيمان بقدراتها على توحيد الجهود , وتأمين أسباب التعاون اللازم لتكامل سيادي يدرأ عنها الويلات والتداعيات المريرة , فهدف الطامعين بدول الأمة تمزيقها ومنع أي خطوة ذات مردود إيجابي لصالحها.
العالم المعاصر تكتلي النوازع والتوجهات , وكل دولة تريد الحفاظ على سيادتها بالإستقواء بدول أقوى منها وأقدر , وتقيم تحالفات مصيرية معها , فلا توجد دولة ذات سيادة لوحدها دون ترسيخ مفاهيم المنافع المتبادلة مع غيرها.
أي أن العالم كالمخروط تتحكم به قوة تتربع على رأسه , وكل دولة تريد البقاء عليها أن تنتمي لبدن المخروط , والتي تنسلخ عنه تنال مصيرا مشؤوما , وفقا لقوانين الغاب المتأججة فوق التراب.
تاهَ فردٌ في ربوع الأجمِ
فتداعى عندَ غابِ الألمِ
وحشها جمعٌ شديدٌ سابغٌ
يتمادى بافتراسِ الغُنُمِ
كنْ قويا باعْتصامٍ كاملٍ
يتحدّى بالسلاحِ الأعظمِ