التجويع من أفظع أسلحة الفناء الشامل والتطهير البشري الآمن , وهو سياسة معروفة منذ القِدم , وكانت الجيوش الغازية تحاصر المدن فينتشر فيها الجوع ويتم إضعافها وخوار قواها فيدخلونها منتصرين.

وأسلوب الحصار معمول به وبتكرارية فائقة , ولا يخلو قرن من آثاره المدمرة.

وفي الزمن المعاصر , عندما تُستهدف دولة ما , يتم إيهامها بأن النشاط الزراعي يتعارض مع التقدم والمعاصرة , وعليها أن تبخسه , وتأكل بإستيراد طعامها من غيرها , وعندما يتحقق إعتمادها على الغير , تأتيها الضربة القاضية , بقطع الطعام عنها , فتبدأ بأكل أصابعها , وتصيبها المجاعات وتحل بها الأزمات , وتفقد ما يعبر عن جوهرها وسيادتها , فتتبع وتخضع للذين يطعمونها.

وبعض الدول أصبحت ضحية لسياسات قطع الأرزاق بآليات مخادعة , فالتي كانت تنتج الحنطة والرز تم خداعها بتوفيرهما بأسعار رخيصة ,  حتى ضعفت زراعة المحصولين وأشرفت على الغياب , وعندها منع عنها الرز والطحين لتعاني من شحتهما وغلاء أسعارهما , فأصبح سعر رغيف الخبز باهضا.

أما ثروتها الحيوانية فتم الإجهاز عليها وإستهجانها , فصارت تستورد اللحوم ومنتجات الحليب من الدول الأجنبية , وما فكرت بتنمية الثروة الحيوانية والإستثمار فيها.

إن الدول القوية تتوقى من آفة الجوع , وتسعى جاهدة لتحقيق الإكتفاء الذاتي والمحافظة على فائض إنتاجي يقي من الجوع , ويساهم بتوفير الطعام للمواطنين بأسعار مناسبة.

فقادة الدول القوية يهتمون بالحليب والبيض واللحوم والمحاصيل الزراعية , وهذه خطوط وطنية حمراء لا يجوز الإعتداء عليها وزعزعتها.

أما الدول الضعيفة , فتتجاهلها , وتنهمك في خطابات ومناهج إلهائية تضليلية , لتحافظ على وجودها في كرسي السلطة مهما كان الثمن المطلوب.

جياعٌ في مواطنها ضِعافُ

شعوبٌ من تقدمها تخافُ

زراعتها أصيبتْ بانتكاسٍ

فعزّ طعامُها وطغى العَفافُ

بأنهارٍ لها غاضتْ مياهٌ

وداهمها التصحرُ والجفافُ

أحدث المقالات

أحدث المقالات