في حضن الوطن بين الكوفة و الفلوجة….محمد يعود بعد غياب ثمان سنوات

في حضن الوطن بين الكوفة و الفلوجة….محمد يعود بعد غياب ثمان سنوات

في مشهد إنساني نادر، يروي العراق واحدة من أروع قصص الوفاء والشهامة، حيث احتضن الحاج نجم عبد الله، المعروف بـ”أبو سهيل”، مختار حي ميثم التمار في مدينة الكوفة، طفلاً مفقوداً من أهالي الفلوجة، واعتنى به كأحد أبنائه على مدى ثمان سنوات، حتى أعاده إلى أسرته بعد أن تعرف عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الطفل محمد، الذي فقد في ظروف غامضة عام 2009، وجد في الكوفة بيتاً ثانياً، وأباً حنوناً لم يكن من دمه، لكنه كان من قلب العراق. أبو سهيل لم يكتفِ بإيوائه، بل سجله باسمه في سجلات النفوس، وألحقه بالمدرسة، حتى بلغ الصف الرابع الابتدائي، وضمن له مستقبلاً بشراء قطعة أرض زراعية باسمه، قائلاً: “هذا ابني، ولازم أضمن له شيء من بعدي.”

وبعد جهود حثيثة، نشر خلالها صور محمد عبر Facebook مرات عدة، تحقق اللقاء المنتظر، وعاد محمد إلى أحضان والديه في الفلوجة، وسط دموع الفرح وامتنان لا يوصف.

والد محمد، الذي لم يصدق أن ابنه بين يديه من جديد، قال: “محمد صار بيني وبين أبو سهيل، وله بيتان؛ واحد في الكوفة، والثاني في عامرية الفلوجة… وهذا وعد.”

هذه القصة ليست مجرد حدث، بل درس في الإنسانية، ونموذج حي لما تعنيه الأخلاق العراقية الأصيلة. في زمن تتنازع فيه القلوب، يثبت العراقيون أن النبل لا يُشترى، وأن الشهامة تسكن في تفاصيلهم اليومية.

كل التحية للحاج أبو سهيل، الذي جسّد معنى الأمانة، وكان أهلاً لها. وها هو العراق، رغم الجراح، يكتب فصولاً من القصص في سجل الإنسانية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات