عندما تُستغل الأخطاء لإشعال الفتنة

عندما تُستغل الأخطاء لإشعال الفتنة

ما جرى مؤخراً في منطقة الدورة من احتكاك بين قوة أمنية وعناصر من الحشد الشعبي، ورغم كونه حادثاً فردياً يمكن احتواؤه بالقنوات الرسمية، إلا أنه سرعان ما تحوّل في بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل إلى مادة للتحريض، ومحاولة واضحة لبث الشك بين مؤسسات الدولة الأمنية، وتحديداً بين الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية.

إن الحشد الشعبي، بموجب القانون والدستور، هو جزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الوطنية، وقد قدّم تضحيات جسام إلى جانب الجيش والشرطة في مواجهة تنظيم داعش، وكان ولا يزال جزءاً فاعلاً في حماية المدن والمقدسات والزائرين، وله تنسيق دائم ومتكامل مع باقي الأجهزة الأمنية.

ما حدث في الدورة، كما أشارت أغلب التصريحات الرسمية، يخضع لتحقيقات ومتابعة داخلية، ولا يُمثّل توجهاً عاماً أو خلافاً مؤسساتياً، بل هو حالة محدودة تُعالج ضمن الأطر القانونية، ومن الخطأ الجسيم تحميلها ما لا تحتمل.

لكن الخطير في الأمر، هو الخطاب المزدوج لبعض الجهات والشخصيات، ممن وجدوا في الحادث فرصة للطعن بالحشد، والتشكيك بولائه، والترويج لنظرية “الدولة داخل الدولة”، بينما هم أنفسهم يلتزمون الصمت المطبق حين يتعلق الأمر بخروق علنية في إقليم كردستان لقرارات الحكومة الاتحادية، أو بمظاهر مسلحة خارجة عن القانون في مناطق أخرى.

هذه الازدواجية في المواقف، تعكس نوايا غير بريئة، ولا تهدف إلى “فرض القانون” كما يُزعم، بقدر ما تسعى لإضعاف قوة الحشد وتشويه صورته، في وقت لا تزال فيه التحديات الأمنية قائمة، ولا تزال قوى الإرهاب تترقب أي شرخ داخلي لتتسلل من خلاله.

نحن في مرحلة تتطلب أعلى درجات المسؤولية وضبط النفس، وتفويت الفرصة على المتربصين بوحدة الدولة. الجيش، والشرطة، والحشد، وكل الأجهزة الرسمية، هم أبناء هذه الأرض، وشركاء في أمنها، وأي محاولة لضرب أحدهم هي في الحقيقة محاولة لضرب الجميع.

ختاماً نقول:
الحكمة تقتضي معالجة الأمور بهدوء وعدالة، لا بتأجيج العواطف وفتح أبواب الفتنة.
والولاء للعراق يقتضي أن نكون منصفين في المواقف، لا أسرى للأحقاد والاصطفافات الضيقة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات