27 يوليو، 2025 12:00 ص

خور عبد الله عنوان جديد للخيانة السياسية !

خور عبد الله عنوان جديد للخيانة السياسية !

مرة أخرى يثبت تجار السياسة أن الوطن عندهم صفقة لا قضية

في بلد اعتاد على التنازلات القسرية تأتي قضية خور عبد الله لتكشف مرة أخرى الوجه الحقيقي لأولئك الذين جعلوا من السياسة تجارةً مربحة ومن السيادة الوطنية ورقة مساومة رخيصة.

مرة أخرى يثبت تجار السياسة أن لا خطوط حمراء عندهم سوى مصالحهم ولا بوصلات تقودهم إلا إلى مكاسبهم الضيقة ولو على حساب آخر شبر من أرض أو ماء عراقي.

خور عبد الله ليس مجرد خط مائي على الخريطة بل شريان اقتصادي استراتيجي ومنفذ حيوي يمثل رئة العراق البحرية نحو الخليج والعالم لكنه في نظر السماسرة ليس أكثر من ملف تفاوضي يمكن المقايضة عليه مقابل دعم سياسي أو رضا خارجي.

ما جرى ولا يزال يجري من اتفاقيات وتنظيمات وتفاهمات بشأن هذا الخور لم يأتِ في سياق حوار وطني حقيقي بل في أروقة معتمة حيث تُدار الملفات الوطنية بصفقات مغلقة لا يُعرف من المستفيد منها سوى أولئك المتنفذين الذين لا يرون في العراق إلا مشروعًا قابلًا للتجزئة والبيع.

الاتفاقيات المتعلقة بتنظيم الملاحة في خور عبد الله وآخرها المصادقة على محضر 2023 الفني أُبرمت دون العودة الكاملة إلى البرلمان ودون استفتاء شعبي ودون نقاش وطني واسع وهو ما يجعلها في نظر القانون والدستور محطّ طعن وشبهة دستورية.

وإن كان البعض يدّعي أن ما جرى يأتي في إطار تنفيذ قرارات أممية فإننا نسأل: لماذا تُفسَّر القوانين والاتفاقيات دائمًا بطريقة تنتقص من حقوق العراق ولا نجد فيها سوى انحناءٍ أمام إرادة الخارج؟

الخطير في الأمر ليس فقط التنازل بل الصمت ، اي صمت الدولة وصمت الرئاسة وصمت الكتل الحاكمة وكأن السيادة أصبحت موضوعًا ثانويًا لا موقف سياسي جاد لا لجنة تحقيق مستقلة ولا محاسبة علنية وكأن ما جرى هو حدث عابر لا يعني أحدًا سوى بضع مغرّدين غاضبين .

والأخطر من ذلك أن هناك من يسعى لتسويق هذا الملف كنجاح دبلوماسي! متناسين أن كل شبر يُنتزع من أرض العراق أو مياهه هو هزيمة وطنية لا إنجاز تفاوضي.

والبعض يعول على نسيان الشعب وقد تمرّ الصفقات  وتُمرَّر الاتفاقيات وقد يُسكت الإعلام ولكن ذاكرة الشعوب لا تُخدع والتاريخ لا يرحم من فرّط ولا من باع ولا من خان وسيبقى خور عبد الله في الذاكرة العراقية رمزًا من رموز التنازل وصفحة سوداء في تاريخ أولئك الذين باعوا الوطن باسم القانون والسياسة والتوافقات الدولية.

نحن لا نعارض التفاهمات مع الجيران ولا نرفض مبدأ الحوار أو حسن الجوار ولكننا نرفض التفريط والخنوع والتنازل عن السيادة تحت أي ذريعة فالعراق أكبر من أن يكون سلعة والسيادة ليست بندًا تفاوضيًا بل شرفٌ وطني لا يُمس . وحمى الله العراق أرضاً وشعباً من الفاسدين …

أحدث المقالات

أحدث المقالات