نسائنا وقدوتهن زينب 

نسائنا وقدوتهن زينب 

منذ فجر التاريخ، شكلت المرأة العراقية رمزاً للصبر والثبات، وقدمت نماذج مضيئة في ميادين النضال والتضحية، لا سيما في الفترات العصيبة التي مر بها البلد من احتلال، حروب، ظُلم، وفقدان.
 مثلما كانت السيدة زينب بنت علي “عليهما السلام“ مثالًا خالداً للمرأة الصابرة المقاومة، فقد اقتدت بها نسائنا في صبرهن وثباتهن، ورباطة جأشهن أمام الشدائد.
السيدة زينب.. مدرسة في الصبر والثبات، كيف لا وهي ولدت في بيت النبوة والإمامة، وترعرعت في مدرسة القرآن والإيمان، وتربّت على يد أبيها أمير المؤمنين علي  وأمها الزهراء “عليهما السلام“ واستمدّت من أخيها الحسين روح الفداء والعزة، وكانت شريكته في الكفاح.
كانت حاضرة في كربلاء، يوم المصيبة الكبرى، وشهدت استشهاد إخوتها وأبنائها وأهل بيتها، ومع ذلك لم تهتز، ولم تُهزم نفسياً، بل وقفت في مجلس يزيد بكل ثقة وقوة قائلة:
“ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم…”.
ًبهذه الكلمات، قدّمت زينب نموذجاً خالدا، للمرأة المؤمنة الصابرة القوية، التي لا تُكسرها المآسي، بل تجعل منها منبرًا لرفع راية الحق.
المرأة العراقية.. صبرها ومواقفها خالدة، فلقد جسدت على مرّ التاريخ، هذا النهج الزينبي في مواقفها، سواء كانت أماً، أختاً، زوجة، أو حتى شهيدة.. ففي الحروب والاحتلال، كانت تُودع أبناءها للقتال، وتنتظر عودتهم إما بالنصر أو بالشهادة، بعين دامعة لكن بقلب راضٍ وصابر.
في حرب الثمان سنوات من القرن المنصرم، ثم فترة الحصار في التسعينيات، وبعدها الاحتلال الأمريكي في 2003، وحتى في مواجهة الإرهاب و”داعش”، كانت المرأة العراقية السند للمجتمع، المربية، والمجاهدة بصبرها وقوة إيمانها.
نساء شهداء الحشد الشعبي مثال آخر لصبر زينبي عظيم، فالكثير من الأمهات لم يبكين فقط، بل كنّ يوزعن الحلوى عند استشهاد أبنائهن، كما كانت السيدة زينب تُقابل المصيبة بحمد الله والثقة بوعده.
التربية الزينبية في مجتمعنا ارتبطت بالسيدة زينب، في الوعي الشعبي بالقوة والثبات، وتُعد مصدر إلهام في المجالس الحسينية، حيث تُروى بطولاتها وتُغرس في نفوس النساء منذ الصغر.. لذلك، نجد أن التربية في البيت عندنا غالبًا ما تقوم على الحكايات الزينبية، التي تؤسس في البنات روح التحدي والاعتزاز بالهوية والدين.
المرأة العراقية اليوم، في صبرها وصمودها، هي امتداد حي لزينب بنت علي، تتعامل مع الجراح والمحن بقلب قوي، وتقاوم الفساد والجهل مثلما قاومت جبل الصبر الظُلم والكفر، فصرن و كأنهن يقتفين خطوات  زينب، التي وإن غُيبت عن العناوين الإعلامية، فإنها حاضرة في واقع العراق وروحه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات