ظاهرة خطيرة تهدد الأمن المجتمعي تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل في العراق

ظاهرة خطيرة تهدد الأمن المجتمعي تربية الحيوانات المفترسة داخل المنازل في العراق

في السنوات الأخيرة بدأت تظهر في المجتمع العراقي ظاهرة دخيلة وخطيرة تتمثل في تربية الحيوانات المفترسة داخل البيوت والمزارع الخاصة في سلوك غريب يتنافى مع طبيعة المجتمع العراقي وتقاليده، ويشكل تهديدا مباشرا على السلامة العامة.

الأسود والنمور وحتى الذئاب، بات من الممكن رؤيتها داخل بعض الأحياء وأحيانا تتجول في الشوارع بسبب الإهمال أو عدم القدرة على السيطرة عليها. وقد سجلت عدة حوادث مؤلمة كان ضحيتها أبرياء أو حتى أصحاب هذه الحيوانات أنفسهم ففي إحدى الحالات، هاجم أسد مفترس مربيه وتسبب له بجروح خطيرة وفي حالة أخرى خرج اسد من قفصه وافترس خروفا في حي سكني ما أثار الذعر بين الأهالي.

وهذا السلوك لم يأت من فراغ بل اتبعه بعض الأشخاص بدافع التباهي والاستعراض في محاولة للفت الأنظار أو كسب الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير مكترثين بعواقب هذا التصرف المتهور. وقد رصدت تقارير إعلامية مؤخرا مقطعا مرعبا يظهر أسدا يهاجم مربيه داخل إحدى المزارع في مشهد يؤكد أن هذه الحيوانات مهما بدت أليفة أو معتادة على البشر تبقى مفترسة بطبعها وغريزتها ولا يمكن ضمان سلوكها في أي لحظة.

إن مثل هذه الحوادث يجب أن تكون ناقوس خطر يدق في آذان الجميع فالمجتمع بحاجة إلى وقفة جادة تتضافر فيها جهود الدولة والمؤسسات والمواطنين للحد من هذه الظاهرة وحماية الأرواح قبل أن تتكرر الكارثة في مكان آخر

هذه الظاهرة لم تعد مجرد تصرفات فردية بل بدأت تتحول إلى موضة بين بعض الميسورين ممن يسعون للتميز أو التباهي دون إدراك لحجم الخطر الذي يضعونه فوق رؤوس عائلاتهم وجيرانهم. الأمر الذي يستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية ودوائر الصحة والبيئة لوضع حد لهذه الممارسات وفرض قوانين صارمة تمنع اقتناء وتربية الحيوانات المفترسة داخل المناطق السكنية.

كما تقع على وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية مسؤولية التوعية بخطورة هذه التصرفات والعمل على نشر ثقافة احترام الحياة البرية وشرح العواقب البيئية والاجتماعية التي تترتب على تربية الحيوانات غير الأليفة في غير بيئتها الطبيعية.

إن العراق الذي يمر بتحديات أمنية واقتصادية واجتماعية معقدة لا يحتمل المزيد من المخاطر التي قد تولدها هذه السلوكيات الطائشة. حماية المجتمع مسؤولية جماعية تبدأ بالتشريع وتمتد إلى التوعية وتنتهي بالمحاسبة

ختاما، لا بد من تحرك حكومي عاجل لتشريع قوانين صارمة تمنع استيراد واقتناء الحيوانات المفترسة خارج الأطر العلمية والبيئية مع فرض غرامات ومساءلات قانونية على المخالفين. كما نوجه نداءً إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بضرورة الكف عن الترويج لهذه الممارسات الخطرة تحت عنوان “الاستعراض” والتركيز بدلا من ذلك على حملات توعوية تبرز مخاطر هذا السلوك على الفرد والمجتمع

إن حماية الأرواح والحفاظ على أمن الأحياء السكنية هي مسؤولية مشتركة تبدأ من الوعي وتنتهي بالردع القانوني فالمجتمع العراقي الذي عرف بتماسكه وقيمه لا يحتاج إلى المزيد من الفوضى والسلوكيات المستوردة التي لا تمت له بصلة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات