في كل عام يطرق الحزن أبواب القلوب مع حلول شهر محرم، شهر الفجيعة التي لا تنطفئ نارها في وجدان الأحرار وفي طيات هذا الحزن يبرز اسم العباس بن علي السبط الشجاع وأسطورة الوفاء الذي استشهد سنة 61 هـ في كربلاء إلى جانب أخيه الإمام الحسين عليه السلام.
ولد العباس عليه السلام في المدينة المنورة سنة 26 هـ، وكان ثمرة زواج أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام من السيدة أم البنين فاطمة بنت حزام الكلابية المرأة التي وهبت نفسها وفلذات كبدها للدفاع عن الحسين سيد الشهداء. نشأ العباس في كنف أبيه أمير المؤمنين وتربى في بيت النبوة فنهل من العلم والشجاعة والتقوى والكرامة وعرف منذ صغره بوسامته الفائقة وعقله الراجح وقوة بنيانه حتى لقب بـ”قمر بني هاشم” و”باب الحوائج”.
كان العباس في معركة كربلاء حامل لواء الحسين وكان أعظم أنصار أخيه وأوفاهم لم يكن مجرد أخ بل كان عين الحسين وسنده، وعرف عنه أن الحسين كان يناديه بـ “يا كفيل زينب” مما يعكس عظمة دوره الحامي في تلك الفاجعة
يوم الشهادة.. ملحمة الدم والولاء
قال الإمام الصادق عليه السلام: “من سقي الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة ومن سقي الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان كمن أحيى نفساً ومن أحيى نفساً فكأنّما أحيى الناس جميعاً”
كان العباس عليه السلام في كربلاء على درجة من الشهامة والمروءة بعد ان رأئ ان ذريه الرسول كانت تتلوى من العطش قاتل قتال الأبطال حتى وصل إلى نهر الفرات وملأ القربة ماء وقد أبى العباس أن يشرب من الماء وهو في أشد العطش احتراما لظمأ الحسين والأطفال فكانت هذه اللحظة أبلغ تعبيرعن الإيثار والوفاء
وبينما العباس كان عائدا، تعرض لكمين غادر فقطعت يمينه، فحمل الراية بيساره فقطعت، فضم القربة بذراعيه ثم ضربوه على رأسه وسقط صريعاً على تراب كربلاء ولم يناد الحسين باسمه بل صرخ: “الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي”
ان استشهاد العباس لم يكن نهاية لحياته بل بداية لمسيرة خالدة من الوفاء والإباء والشرف. تحول اسمه إلى رمز للكرامة ومزاره قبلة للمظلومين فما زالت القلوب تلهج باسمه وتستسقي بذكراه القوة في وجه الطغيان
السلام علئ قمر بني هاشم الذي اتخذ الدنيا مزرعة الاخرة دار ممر لا دار مقر لذلك فان الموت دفاعا عن اخيه ابا عبدالله الحسين وفي سبيل ربه كان اسهل عنده من شربة ماء
نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله الحسين (ع)، وأبلى بلاءً حسناً ومضى شهيداً