سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات

سطوة المال في عالم السياسة والانتخابات

في الوقت الذي تُعد فيه الأموال أداة حاسمة في الانتخابات حول العالم، فإن العراق، وعلى وجه الخصوص، يعد من أكثر البلدان تأثرًا بهذا العامل بسبب خلفيته الاجتماعية والسياسية المعقدة… ؛ فعلى الرغم من أن العراق قد مر بتجربة ديمقراطية منذ أكثر من عقدين من الزمن، إلا أن آثار الأنظمة الطائفية والدكتاتورية السابقة، خصوصًا نظام صدام ، ساهمت في ظهور ممارسات غير قانونية وسلوكيات معقدة أثرت بشكل مباشر في نتائج الانتخابات والممارسة والمشاركة السياسية .

دور المال في التأثير على الانتخابات

في النظام الديمقراطي، من المتوقع أن يتم تمويل الحملات الانتخابية من قبل الأحزاب السياسية أو المرشحين، إلا أن الأموال في بعض الأحيان تُستخدم بطرق تتجاوز حدود تمويل الحملات الدعائية، لتشمل شراء الأصوات، والتأثير على الناخبين، وحتى تغيير قناعاتهم… ؛ فالمنافسة السياسية في بعض البلدان قد تكون محكومة في النهاية بمن يمتلك الأموال أكثر من التيارات السياسية التي تمثل مصالح الجمهور.

تأثير المال في الانتخابات العراقية

أما في العراق، فتعد الأموال جزءًا لا يتجزأ من العمليات الانتخابية منذ عام 2003… ؛ اذ يتسم المجتمع العراقي بتعددية طائفية وعرقية، مما يتيح لبعض القوى السياسية القدرة على توظيف الأموال بشكل أكبر في إقناع الناخبين من مختلف شرائح المجتمع… ؛ فالعراق، على غرار العديد من البلدان، لم يكن بعيدًا عن ظاهرة “شراء الأصوات”، بل إن الأموال أصبحت وسيلة رئيسية للتأثير على نتائج الانتخابات… ؛ ففي الانتخابات البرلمانية والرئاسية، نلاحظ أن الحملات الانتخابية غالبًا ما تركز على توزيع الأموال، الهدايا، أو حتى تقديم وعود ملموسة في مقابل التصويت.

تعتبر هذه الظاهرة نتيجة لعدة عوامل، أبرزها الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه البعض ، إذ يصبح المال بمثابة الحافز الأقوى في ظل غياب الوعي الكافي في بعض الأحيان، أو حتى بسبب حالة من التهميش الاجتماعي والسياسي التي يعيشه العديد من المواطنين… ؛ فالفئات الأكثر ضعفًا اقتصاديًا تجد نفسها في موقف صعب قد يضطرها لقبول العروض الانتخابية مقابل بعض المال أو الهدايا.

نماذج انتخابية وتفاصيل إضافية

في الانتخابات المقبلة، مثلًا، ظهرت العديد من القصص التي تكشف عن كيفية استخدام الأموال لتغيير النتائج… ؛ فهناك بعض المرشحين الذين رصدوا ميزانيات ضخمة لشراء الأصوات من خلال توزيع الأموال على الناخبين، ما جعل الانتخابات تندرج ضمن لعبة “من يدفع أكثر”… ؛ و على سبيل المثال، تم الكشف عن محاولات لشراء أصوات في بغداد، حيث كان يتم عرض مبلغ 250 ألف دينار لكل صوت انتخابي، وقد تصل بعض العروض إلى اكثر من ذلك… ؛ بل وأحيانًا تصل تلك العروض إلى تقديم وظائف أو مشاريع للأفراد او للجماعات في حال التصويت لصالح مرشح معين.

كما لوحظ أيضًا أن بعض القوى الإقليمية والدولية تسعى للتأثير في الانتخابات العراقية، من خلال دعم مرشحين محددين… ؛ فتشير التقارير إلى أن بعض الدول مثل قطر وتركيا والامارات والسعودية قد رصدت أموالًا طائلة لتوجيه النتائج لصالح مرشحين معينين… ؛ وتدل هذه الممارسات على أن المال ليس فقط أداة محلية في التأثير على الانتخابات، بل إن بعض الأطراف الدولية تلعب دورًا بارزًا في تمويل الحملات الانتخابية.

الخلاصة

إن الانتخابات ليست مجرد عملية ديمقراطية تهدف إلى اختيار ممثلين عن الشعب، بل إنها تحولت إلى ميدان تنافس على الموارد المالية، حيث يمكن للمال أن يلعب دورًا أكبر من السياسة نفسها… ؛ وفي العراق، لا يمكن إغفال تأثير المال في تغيير نتائج الانتخابات، سواء عن طريق شراء الأصوات أو التأثير على الناخبين عبر الحملات المدفوعة او شراء المقاعد .

ومن المؤكد أن المال سيظل عاملًا رئيسيًا في تشكيل نتائج الانتخابات، ما لم يتم تبني سياسات أكثر صرامة لمراقبة صرف الأموال وضمان نزاهة العملية الانتخابية

أحدث المقالات

أحدث المقالات