تتناقل مواقع (الفيس بوك) ، والمحطات المرئية ، صورا لبدلات عسكرية برتب عالية وهي ملطخة ربما بسبب الدّوس بالأقدام ، بين أيدي عناصر (البيش مرگة) بوجوههم المتهللة تشفياً وهم يشيرون الى رتبها بالأصابع ، يبدو انهم من الشباب ، ممن لم يعاصروا (الأنفال) السيئة الصيت ، أو مأساة (حلبجة) ، فلماذا هذا التشفي ، سوى أنهم لـُقنوا الكراهية جيدا تجاه هذا الجيش ككل وبدون استثناء ، وكأنها مؤسسة عدوة الى الأبد ؟ ، رغم انه غـُربل عدة مرات حتى خلا من المحسوبين على أعداء للبيش مرگة ، فمن ثوابت أخلاقنا أن نجهز على غريمنا عندما ينتكس ويضعف وتخور قواه ، وهو بأمسّ الحاجة للمساعدة ، بدلا من كسبه الى الأبد بأبداء شيء من أخلاق الكرم ، والتحلي بالروح العالية المترفّعة عن الأنتقام ، فحتى أطفالنا يجهزون على صغار القطط الضعيفة بمنتهى السادية ، والمثل (الجمل اذا وقع ، تكثر سكاكينه) ، مثل واقعي نعيشه يوميا ، أما (العفو عند المقدرة) ، فلا يعدو الا كلمات نتشدق بها لصفة لا يتصف بها موصوف !.
أنا ضد نسيان الجرائم ففي ذلك تفريط بالحقوق ، أنا ضد العفو عن مجرم يفرّ بفعلته ، ولكن هنالك فرق شاسع بين القصاص الذي طالما فرطنا به ، والأنتقام ، شغلنا الشاغل .
ليس دفاعا عن الفريق (عبود گمبر) ، لقد كان آمر لواء في القوة البحرية التي كنت أخدم بها عام 1991 ، لقد حوصر الرجل في جزيرة (فيلكا) الكويتية التي قُصفت قصفا شديدا من القوات الأمريكية ، وقد جُرح ووقع أسيرا في أيدي تلك القوات ، ولا يمكن مقارنته بآفات (الدمج) التي سوّست المؤسسة العسكرية وما بها من نطيحة ومتردية ، والتي منعتني من العودة الى الجيش الجديد ، فمبادئ الجندية راقية جدا وكلّ لا يتجزأ ، وسأترفع عن القول لأحد هؤلاء ممن لا يمتلك الثقافة العسكرية الحقة كلمة (سيدي) وهو يحمل (نجمات بالگوشر) ! ، وحمدا لله ، والا لمتّ كمدا من هول هذه الحادثة ، رغم أني لم أفق من هول الصدمة لحد الأن ، وحقيقة فان سناريو تلك الهزيمة محيّر جدا ، هل انبثقت (داعش) ومن مع داعش من باطن الأرض ؟ أما كان الأجدر بهؤلاء القادة التوجه الى بغداد بالطائرات التي بحوزتهم ، بدلا من اللجوء الى كردستان ، وكيف ترتضي كردستان بإيوائها للخونة ونحن نرى تقريعهم واستخفافهم الشديد بهؤلاء القادة على فضائياتها ؟ ، ولكن الأمر أكبر مما نتصور.
الرجاء العودة الى مقالي (جيش بلا روح) المنشور على موقع (كتابات) بتاريخ 14 نيسان 2014