15 نوفمبر، 2024 2:52 م
Search
Close this search box.

أردوغان والنجيفي وداعش وحلف الناتو

أردوغان والنجيفي وداعش وحلف الناتو

1-  أتفق مع النائب من إئتلاف دولة القانون السيد علي العلاق حين إتهم، في فضائية الميادين،  تركيا بكونها ضالعة وربما مدبرة لعملية إحتلال الموصل من قبل داعش نتيجة الإنهيار العسكري الجزئي هناك. لقد دعت تركيا قبل قليل سياسيين عراقيين للإجتماع في أنقرة.

وما كانت خافية زيارة السيد أسامة النجيفي لتركيا قبل أسبوعين تقريباً. أما هدفها فقد شرحها مستشاره القانوني في مجلس النواب وفي كتلة “متحدون” السيد صباح الكربولي إذ قال إنها “زيارة بروتوكولية” (فضائية الحرة – عراق / برنامج “بالعراقي ” بتأريخ 10/6/2014).

2-  أعتقد أن مسألة خطف القنصل التركي العام في الموصل وآخرين أتراك من قبل داعش هي تمثيلية كيدية لا تنطلي على أحد. فحكومة أردوغان أرادت أن تجعل الحدث ذريعة للتدخل العسكري في العراق لتقوم ب”تسوية” الأوضاع السياسية لصالحها ولصالح عملائها الطغمويين(*).

3-  أرى أن الترتيب المسبق بين السيدين رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا وأسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي دفع الأخير إلى أداء دوره يوم 10/6/2014 ضارباً بعرض الحائط اللياقة بالأقل إن لم يكن التنسيق اللازم مع القائد العام للقوات المسلحة الذي تفرضه عليه مسؤوليته في الدولة العراقية، ودون إنتظار أي نوع من التحقيق بل أراد الإستعجال لـ”أمر ما”؛ حيث صرح في فضائية (الحرة – عراق) حول سقوط الموصل ببعض الحقائق لكنه ضمّن كلامه أموراً خطيرة تحبط المعنويات وتسوِّغ التدخل الخارجي وهي تحديداً: (1): أن هناك غزو أجنبي وهو الذي كان ينكر وجود داعش أصلاً. (2): أن هناك إنهيار عام في البلد إضافة إلى الإنهيار العسكري. (3):  أن الموصل بأكملها بيد داعش وأنها تتجه نحو تكريت. نعم سقوط الموصل قضية حقيقية ولكن بقيت وحدات عسكرية هنا وهناك محافظة على قوامها. فالكلام بهذه الصيغة والحديث عن توجه داعش نحو تكريت شممتُ منه رائحة تثبيط للعزائم وإحباط للمعنويات وبث لروح الإنكسار بين القوات المسلحة والجماهير على عموم العراق.

هذه النقاط الثلاث حول تصريحات السيد أسامة وتصريحات أخيه السيد أثيل النجيفي، محافظ نينوى، يوم 10/6/2014 في فضائية (الحرة – عراق) والتي بحثتها في الهامش (2) من مقالي المعنون: “مؤامرة واسعة على العراق”(**) أقنعتني وماأزال مقتنعاً بحصول مؤامرة أدت إلى إنكسار عسكري جزئي في الموصل كخطوة أولى نحو المزيد المجهَض.

وحتى اليوم 12/6/2014 لا يركز أسامة النجيفي على مواجهة الوضع الحرج بل تساهم كتلته في الإخلال بنصاب مجلس النواب للحيلولة دون إعلان حالة الطوارئ أو بالأقل بحثها لمعالجة الموقف المتأزم ووضع حد للتفجيرات والمفخخات التي تمزق أجساد الأبرياء كل يوم وتخلق الجو المناسب والبيئة الحاضنة للإرهابيين – نجد أن السيد أسامة يطالب بالتحقيق مع المتخاذلين وكأنّ هذا، على أهميته القصوى، يتفوق على أهمية التصدي لداعش وأخواتها أولاً علماً أن التحقيقات جارية على قدم وساق كما أتصور غير أن تغليبها في الإعلام قبل نضوجها يقصد منه المزيد من الإرباك وتعميق الإحباط.

4-  بالفعل دعت تركيا الحلف الأطلسي (الذي تنتمي إليه) إلى الإنعقاد. بتقديري، حاولت تركيا إستحصال موافقة الحلف (و/ أو أمريكا) على تدخلها أو بالأقل جس نبض الحلف وأمريكا حيال هذه المسألة لتتمكن من توجيه داعش والطغمويين بما يعزز مسألة التدخل في حالة وجود رخاوة أو بصيص أمل في موقف الحلف أو أمريكا كأن يشيع طابورهم الخامس أن المسلحين أو داعش جاءوا من إيران.

5-  خذل الحلف أردوغان ولكنه أراد حفظ ماء وجهه، أردوغان، فجاءت تصريحات الناطق بإسم الحلف بهذا الإتجاه وكما يلي:
“أطلعت تركيا الحلفاء الآخرين على الوضع في الموصل واحتجاز مواطنين أتراك بينهم القنصل العام رهائن”.
وبين أن “الاجتماع عقد لأغراض الإطلاع على المعلومات وليس بموجب المادة الرابعة من معاهدة تأسيس الحلف والتي تسمح لاي عضو بطلب التشاور مع الحلفاء عندما يشعر بتهديد لسلامته الإقليمية”.

6-  صفع الحلف أردوغان مرة أخرى إذ أضاف المتحدث بإسمه ما يشير قلق الحلف من التطورات الأخيرة إذ قال:
 “الأعضاء يواصلون متابعة الأحداث عن كثب بقلق بالغ” مشيرا الى ان” الهجمات التي ينفذها داعش تمثل تهديدا خطيرا لأمن العراق ولاستقرار المنطقة”.

7-  الأكثر من هذا أفهم الحلف أردوغان أنه إذا أراد الحلف التدخل فلا يكون إلا بطلب من الحكومة العراقية لا من أردوغان. إذ واصل المتحدث بإسم الحلف قائلاً:
“الحلف لم يتلق أي طلب للمساعدة من السلطات العراقية فيما يتعلق بأحدث التطورات في الموصل”.

8-  صرح سكرتير عام حلف الناتو السيد راسموسن (حسب فضائية الحرة – عراق) بأنه لا يرى أي دور للحلف في الشأن العراقي.

9-  كان على الذكي أردوغان أن يدرك منذ البداية أن حلف الناتو الذي ينتمي إليه كان سيتخذ هكذا موقف. فالحلف وعلى لسان السيد راسموسن نفسه إستبعد تماماً ومنذ البداية إحتمال تدخل الحلف في الأزمة السورية رغم تورط أمريكا ومعظم الدول الأعضاء المهمين في الحلف بالقضية السورية.

برر راسموسن الموقف لأسباب جغرافية وديموغرافية تتعلق بكثافة السكان. السبب الحقيقي، حسبما فهمته من الخبراء العسكريين، هو أن خسائر الحلف قد تكون عالية لأن الحرب ستكون نظامية وأن الجيش السوري متماسك وقوي ومستعد للحرب النظامية. فما بالك والتدخل في الشأن العراقي ومعظم أبناء العراق هم جيش الوطن؟!!

10-   وهكذا فشل أردوغان في حشد أي دعم دولي له في مسعاه التآمري إلا من سميرة رجب وزيرة إعلام مملكة البحرين “الديمقراطية الشعبية العظمى للكشر” التي وصفت ما جرى في الموصل بأنها ثورة شعبية يقودها السنة ضد الظلم الذي ضرب العراق منذ عام 2003 فلا داعش ولا يحزنون، وذلك حسب تغريدتها على التويتر على ذمة مراسل فضائية الميادين يوم الخميس 12/6/2014 .

11-  موقف الحلف هذا شكل إنتكاسة للتآمر منذ بدايته ما تشير إلى نهايته غير السعيدة لأردوغان و”حلفاءه” الطغمويين وحكام السعودية وقطر. ربما شعر أردوغان بأن جهة ما “عليا” قد خدعته وجعلته والعملاء الصغار في المنطقة والداخل العراقي يرسلون داعش إلى حتفها النهائي في الموصل لأن داعش تمددت كثيراً في سوريا والأنبار بسبب دعم هذه الحكومات لها ما جعلها خطراً على الداخل الأوربي والأمريكي مما إقتضىت منهما تصفيتها وبخديعة مزدوجة لداعش ورعاتها وذراعها السياسي في العراق.

ربما وبعد أن أدرك أردوغان خيبته وخيبة تأمره والضحك عليه وعلى مشاركيه في هذه المغامرة، ظهر قنصله العام “المخطوف” زعماً في الموصل لمزيد من التضليل – ظهر في إستعراض عسكري أقامته داعش في الموصل إحتفالاً بنصرها الباهر(***) على ذمة مراسل فضائية الميادين.
وقد تكون داعش وحلفاؤها من تنظيم النقشبندية والمجلس العسكري وغيرهم قد أحضروا القنصل عنوة وضد إرادته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*):للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي”  بمفرداته:  “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الرابطين التاليين http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(**): برجاء مراجعة المقال “مؤامرة واسعة على العراق” وهوامشه على الرابط التالي:

  http://www.qanon302.net/in-focus/2014/06/11/20821

(***): أتفق مع ما قالته إحدى أمهات الصحف الأمريكية ومع ما كتبه السيد إيلي شلهوب في صحيفة “الأخبار” اللبنانية من أن إستيلاء داعش على الموصل يشكل أبهى إنتصار لها ولكنه هو حتفها أيضاً.

أحدث المقالات

أحدث المقالات