هل سيلدغ الروس من الجحر للمرة الثالثة ؟؟

هل سيلدغ الروس من الجحر للمرة الثالثة ؟؟

يخطئ الرئيس فلاديمير بوتين إذا استمر في حالة البرود والتقاعس ازاء ما يتعرض له الحليف الايراني ،وذلك في مرحلة حرجة يشهدها العالم من تهديد الرئيس الاميركي للتوازنات ومعادلات القوة العالمية وزعزعتها لصالح مايسميه ترامب ( القوة الاميركية العظيمة ) .
ان مجرد قبول الرئيس فلادمير بوتين بالتدخل وعبر النافذة الأميركية ( بعد اتصال مع ترامب) وذلك للتوسط في الحرب الحالية ، في الواقع تصرف لا يليق بالقوة الروسية المفترضة التي على مايبدو في طريقها للوقوع في ذات الوهم بان مستقبل امن روسيا رهين بتقديم تنازلات جزئية ..
هذا الوهم تجلى في السابق حينما تخلت موسكو عن نظام صدام حسين لمرتين وعن النظام السوري وعدد اخر من الانظمة الصديقة ابان ماسمي بالربيع العربي .
ومنذ سنوات اخبر المستشارون الرئيس بوتين ، بان تغير معادلات القوة في الشرق الاوسط. .. هدفه في مرحلة ( ما بعد استنفاذ الاستراتيجيات ) هو الوصول الى مرحلة الاستفراد بروسيا الاتحادية واذلالها وتفكيكها .
اخشى ان الوهم الروسي يكمن في اثنتين :
1/ وديعة كيسنجر عام 1991 حينما قال ناصحا للمجموعة الغربية (( اتركوا شيئا يتبقى من الاتحاد الروسي لان المارد الروسي سيخرج من قمقمه اذا ضاق الخناق عليه …)) .
2/ الترسانة النووية الروسية وما بقي من النووي السوفيتي .
ان وديعة كيسنجر انتهت حينما استبدلت الولايات المتحدة في عهد الرئيس اوباما عقيدتها في ادارة الصراعات حول العالم وذلك من خلال تبني مخطط تجريد الروس من اذرعهم في الجنوب وبناء حاجز يفصل الاتحاد الروسي عن اوروبا ، ودفع الصين نحو الانشغال بشراكة مع الاقتصاد العالمي بعيدا عن الايدلوجيا وبدون بناء غطاء من القوة والنفوذ الذي يضمن امن ومستقبل هذه الشراكة .
أما الترسانة النووية السوفيتية او ماتبقى صالحا منها ، فلم تنفع الاتحاد الروسي حينما صار لدى الاوكران القدرة على تدمير القاذفات الاستراتيجية الروسية الحاملة للقنابل النووية . وبالاساس ، لو كان للترسانة النووية مضلة قوة فاعلة ، أو كانت عامل ردع ، لما تجرأت اوكرانيا ومن خلفها النيتو على المطاولة في هذه الحرب .
ان الحرب الصهيو – انكلوساكسون الحالية على الجمهورية الاسلامية الايرانية ، هي بداية لفتح ملف القدرة الروسية وتأثيرها في التوازنات الدولية، وهذا الحديث كتبت عنه كونداليزا رايس في مجلة فورين بولسي قبل 24 عاما واشارت في حينها الى ( .. ان ضمان القوة الاميركية في القرن الحادي والعشرين يكمن في السيطرة على ممر اوروآسيا ..وتفكيك العلاقات بين القوى الكبرى في الشرق وبين القوى الصاعدة مثل الهند واندونيسيا .. ) .
وفي هذا السياق ، ياتي مشروع اسقاط القوة الايرانية وتفكيكها او الغائها ، لأن من شأن ذلك أن يؤدي الى سيطرة اميركية مطلقة على الجنوب ، بما فيه الجنوب المحادد لروسيا باعتبار ان ايران الثورة وطيلة 46 عاما استطاعت ان تخلق توازنات اقليمية وممرات نفوذ تمتد على طول طريق الحرير بدءا من الصين والى سواحل البحر المتوسط ، وهذا ما منح القدرة الروسية فضاءا للمناورة واللعب في ساحة المصالح الغربية طيلة اربعة عقود .
في عام 2020 بعث الامام الخامنئي برسالة شديدة اللهجة للرئيس بوتين عاتبه فيها على تباطؤه في ابرام الاتفاقية الاستراتيجية مع ايران ورفضه تزويدها بمنظومة ( S400 ) .
ومتابعة لسفر العلاقات بين موسكو وطهران ، يظهر جليا ان الجمهورية الاسلامية فعلت كل ما تقدر عليه في مجال التعاون مع روسيا الى حد تنازلت ايران عن بعض حقوقها حينما قبلت بمعاهدة تقسيم المساحات المائية للنفط والغاز في بحر قزوين وذلك دعما للرئيس بوتين الطامح بابقاء الدول الاخرى المتشاطئة تحت مظلته وايضا اقرارا من طهران بان الحليف الروسي هو الضامن لاستقرار هذا البحر الذي تتصارعه قوميات متعددة.
وإبان الحرب مع اوكرانيا وعلى الرغم من العلاقات الجيدة بين طهران وكييف ، غير ان طهران ضحت بتلك العلاقات حينما قررت مساعدة روسيا عسكريا .
العتب الايراني قبل اربعة اعوام وما اعقبه من دعم ميداني لروسيا في الحرب مع اوكرانيا… في الحقيقة عتب يستقرئ ما يجري اليوم من اختلال في معادلة الحرب والحاجة الجوهرية للقوات الايرانية باستخدام منظومة الدفاع الجوي ( S400 ) للتصدي لعمليات قصف استراتيجية اسرائيلية واميركية لتجريد ايران من مرتكزات قوتها الاقتصادية والعسكرية والنووية .
واضح مع هذا الصيف الملتهب ، تبدو الحاجة ضرورية لاستفاقة الدب الروسي من سباته , , وهذه المرة يظهر الدور الروسي في حسم النزاعات لصالحه اكثر الحاحا من اي وقت مضى لمنح ( ماتبقى ) من اصدقاء الاتحاد الروسي قدرا من المصداقية في تحالفاتهم .

أحدث المقالات

أحدث المقالات