تناولت الأخبار العاجلة اليوم الخميس الموافق19/6/2025، استقالة تسعة من أعضاء المحكمة الاتحادية البالغ – عددهم تسعة مع ستة للاحتياط – ، وكان هذا اليوم ، الموعد المحدد لإصدار قرار الحكمبالطعن المقدم من قبل رئاستي الجمهورية والوزراء ، في قرار المحكمة الاتحادية رقم (105) لعام 2023، المتضمن عدم دستورية قانون التصديق رقم (42) لسنة 2013 حول اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله بين العراق والكويت .
تعددت الآراء والتحليلات لذوي الشأن القانوني والسياسي، لهذا الحدث المهم، وكانت تصب بمجملها ، الى أسباب الاستقالة الى ما يلي :
أولاً. صعوبة تراجع المحكمة الاتحادية العليا عن قرارها الصادر بالعدد(105) لسنة 2023، المتضمن عدم دستورية قانون رقم (42) لسنة 2013 قانونتصديق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية لخور عبد الله بين العراق والكويت ، رغم ما تعرضت له المحكمة من آراء وانتقادات مختلفة ، بسبب تراجعها عن قرارها السابق في العام 2013 بتأييد قانون التصديق لنفس الاتفاقية، ولنفس أسباب الطعن المقدمة من قبل المدعينأمامها، إذ ؛ أدخلت الحكومة العراقية في إحراج شديد أمام المجتمع الدولي.
ثانياً. إن الطعن الحالي مقدم من قبل أعلى سلطتين تنفيذيتين في الدولة العراقية، والذين يتحملون مسؤولية المحافظة على مصالحها ، وعلاقاتهاالخارجية مع المجتمع الدول. وعندما قدموا طعنهم بقرار المحكمة الاتحادية ومبرراته المذكورة في لائحةالطعن، فقد درسوا عواقب القرار بدقة شديدة مع مستشاريهم القانونيين والسياسيين، ومعرفة بعده الوطني والدولي، وأثره على مصداقية الحكومة العراقيةأمام الأمم المتحدة ودولة الكويت والمجتمع الدولي،وخاصة علاقات العراق مع دول الجوار، ومجلس التعاون الخليجي، والدول العربية كافة.
ثالثا. لا تتحمل الحكومات العراقية كافة بعد سقوط النظام السابق، عمليات ترسيم الحدود العراقية الكويتية، إذ ؛ يعرف جميع مكونات الشعب العراقي،بكل مكوناته، وقومياته وطوائفه، نساءه ورجاله، حق المعرفة واليقين، أن كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة،بترسيم الحدود العراقية – الكويتية ، قد رسمت خارج السياق القانون الدولي للحدود، بالتهديد والرشى، واستقطعت أراضينا ومياهنا، بسب تصرفات النظام السابق، وبشروط الإذعان التي قبل بها والاعتراف بها وطنياً وتوثيقها لدى الأمم المتحدة، من أجل بقائه في السلطة، ، والتثبت بكرسي الحكم المشؤوم، الذي أعدم فيه بعد سقوط أوراقه كافة، ومع ذلك لم تتطرق المحكمة لقرار الترسيم، لأنه عدة اتفاقية دولية، عندما قررت عدم دستورية قانون التصديق على الاتفاقية المذكورة، بل تناولت الجانب الشكلي لها، وهو عدماكتمال النصاب القانوني لمجلس النواب خلال جلسة المصادقة، وفق ما أقره الدستور العراقي .
رابعاً. تعرضت المحكمة الى تصحيح بعض أحكامها وقراراتها من قبل مجلس القضاء الأعلى ومحكمة تمييز العراق وبأسانيد وبمبررات قانونية،تثبت تدخل المحكمة في النظر في قضايا خارج صلاحياتها القانونية، وهذا ما أضعفها كسلطة قضائية دستورية، أمام فقهاء القانون والسلطات التنفيذية والتشريعية، وأوقف النص الدستوري المتضمن ( أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا في العراق ملزمة وباتة لجميع السلطات، هذا ما نص عليه دستور جمهورية العراق لعام 2005 في المادة 94،ووفقاً لهذا النص، فإن أي قرار يصدر عن المحكمة الاتحادية العليا يعتبر نهائياً وملزماً لجميع الجهات، ولا يمكن الطعن فيه أو مخالفته ).
خامساً. واجهت المحكمة الاتحادية العديد من الانتقادات من قبل بعض الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، عندما أصدر قرارات ليس بصالحها من أجل تطبيق القوانين النافذة .
ما هو المطلوب؟
بالنظر الى أهمية الموضوع على مجمل العملية السياسية في العراق، ولتعرض رئيس المحكمة وقضاتها الى العديد من الانتقادات نتيجة عملهم خلال المدة الماضية، ولمنحهم بعض الراحة الفكرية والذهنية والنفسية بعد هذا العمل الجبار، لذا؛ يتطلب التدخل من قبل السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية ، والعمل على يلي:
وفي نفس الوقت، لاننسى الجهود الكبيرة لهذه المحكمة الموقرة ولقضاتها الأفاضل، من خلال القضايا التي تقاضت بها طيلة سنوات عملها، كصمام أمان من خلال العشرات بل المئات من الأحكام والقراراتالتي أصدرتها، والتي تصب جميعاً في مصلحةتطبيق القانون بالشكل الصحيح وبناء دولة القانون،كما يريدها أهل العراق النجباء، وهذا يحسب لها، ولقضاتها المحترمين. ونختم مقالنا بقوله– سبحانه –وتعالى ( أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم، بل أكثرهم لا يؤمنون ) .