لكنه عاجز عن البوح لظنه بأن الصراخ لا يحقق له مبتغاه.
فما هو مبتغاه اذن؟
هذا السؤال سهل ممتنع, و كأنه يشبه تماما تعبيرات احمد مطر, او بالاحرى كأنه قصيدة عاجزة له!
يوم التقيته قبل أعوام, وجدت نشاطا يكتفه العجز, وعنفوان تحبسه الحنجرة, وكلمات لا تجد طريقا لها وسط زحمة التقدم الفكري المزخرف سطحا.
انه احمد والمطر..
أحيانا أسأل نفسي, كيف لشخصية كهذه ان تجعل من الجدران حبسا لها؟
واحيانا اخرى اجد صعوبة كبرى في فهم هكذا مطر؟!
ولكن, كلما تقدم الزمن, اتضحت لي حروفا جديدة من بدايات الجواب الأكبر.
فهو الذي يقول:
لا تهاجر
كل ما حولك غادر
لا تدع نفسك تدري بنواياك الدفينة
وعلى نفسك من نفسك حاذر
هذه الصحراء ماعادت أمينة
هذه الصحراء في صحرائها الكبرى سجينة
فهو كالصحراء في نفسه.. لا ترى حدودا لها سوى السراب…
كم من مطر عندنا اذن؟
كم من دموع نمتلك؟
كم من قصيدة لا تزال حبيسة الدفاتر؟
وكم من شتاء في نفوسنا لا يجد إلا الجليد والغبر؟
وكم من غيوم في قلوبنا لا تجد وقتا للمطر؟
وكم حجم امالنا التي باتت تنام دون اية محاولات للسهر؟
وكم من حروف في نفوسنا لا تجد قلما يعترف بها ويعتبر؟
وكم انا, وانتم’, نحاول “وبشدة” ان نزداد صبرا من صبر!
محمد حسب