عتب الوجهاء على شيوخ عشائرهم ( عراقنا أولاً )

عتب الوجهاء على شيوخ عشائرهم ( عراقنا أولاً )

سأشبه بلدي بالقبيلة الكبيرة، التي انقسمت وتشتقادتها الى أمراء وشيوخ ورؤساء أفخاذ وقادة وسادة ومشايخ دين وزعماء قبائل، وغيرها من المسميات المحلية، ولم يستطيعوا أن يتوحدوا، فالكل تبحث عن ملذات الدنياوالجاه والسلطة. قبل أن أدخل في موضوع مقالتي.

    قبل أيام عدة، استمعت لحديث أحد وجهاء العشائر المحترمة، وكان يتحدث بحرقة صدر، كما نسميها في موروثنا الشعبي، وبكلام مليء بالحكم والأمثال، لمقطع منشور له في أحد مواقع التواصل الاجتماعي وسط حضور بعض أقاربه وذويه، إذ؛ تحدث ، بالعتب والحسرة والقهر على موقف ما ، اتخذ من قبل بعض أبناء عمومته، لأمورتخص أهله وعشيرته، ومنها ما تتعلق بذويه وبدورهمالمشرف في التصدي لمجرمي داعش ضمن مناطقهمخلال الأيام الصعبة التي مرت بها تلك المناطق، وتمسكهم بها وعدم ترك أراضيهم في أحلك الظروف التي مروا فيها ، رغم أن البعض منهم حسب وصفه ، ترك الديار ورحل الى مناطق أخرى تحت مبرر المحافظة على عوائلهم . ثم؛ استمر في التساؤل والقول: عن سبب التغاضي من قبل البعض فيذكر هذا التأريخ المشرف لأهله وذويه، إضافة الى استعراضه لبعض علاقات وتأريخ آبائه وأجداده فيالتزاور والتواصل – قديماً وحديثاً- مع الآخرين من أبناء عشيرته في المحافظات المختلفة أو غيرهم من العشائر الأخرى لمشاركة أفراحهم وأتراحهم .

       لقد تحدث عن الشباب في نوع من العتب الشديد، فنقول له : هم الخير والبركة ولا يمكن نسيان دورهم في قيادة الجمع الخير في الظروف الصعبة في تطهير مناطقهم أو الأقل المحافظة عليها من غرائب السواد، فالشباب؛ هم أصحاب النخوة والغيرة على أهاليهم وأقاربهم ومناطقهم،هم رجال المستقبل وقادتها. لذلك؛ فقد توجهت معظم النظم السياسية في دول العالم حديثاً بتسليم القيادة الأولى للشباب نتيجة قابليتهم البدنية والعقلية وشهاداتهم العلمية التي يحملونها في بعض الأحيان وتجاوزهم الروتين القاتل في التعامل اليومي، وتجاوزهم أمراض العصر من السكر والقلب والروماتيزم وغيرها، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم     ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) صدق الله العظيم .

    لقد آلمني هذا الكلام القاسي من هذا الوجيه الكريم. ولقد وجدت من الصعوبة أن نستمع لحديثه دون تعليق أومشاركة! فبعد حديثه وشكواه، لا بد من إيجاد الحلول أو أوسطها؛ فالمطلوب من كبار القوم، وعُقالها، التوحدوالتحاور والابتعاد عن التفرد في القرار وطمس حقوقالآخرين، وإيجاد ما هو صالح العام للعشيرة وأهلها وعدم التشضي أو الانقسام الى مسميات صغيرة، مع جلة إحترامنا لها جميعاً عوائل وأشخاصاً، وايجاد قرار موحد لتوحيد تسمياتها الى وجهاء أو أفخاذ أو زعيم عشيرة أو رئيس قبيلة كونها عشيرة صغيرة ، لا تتطلب هذا الشحن والتقسيم أكثر مما هو موجود فيها، أو أي اتفاق يتفقون عليه بشرط أن يبقوا أبناء عمومة ولا يتفرقون، ولا يليق في مايحصل لهم الآن من هذا الانقسام والتباعد والتشتت الى عناوين تحت مسميات عشيرة أو قبيلة، فكيف الحال والعشائر الكبرى المعروفة في العراق .

   وللأسف؛ حتى أصبح ينظر إاليهم بالعين الصغيرة من قبل الآخرين نتيجة هذا الوضع المتشتت، وتأثير ذلك علىالجيل الجديد من الفتية على هذه التطورات التي تحصل ولايعرفون الى أي صوب يتوجهون.

    إأن من يريد أن يصبح قائداً أو وجيهاً  أو رئيس  فخذ أو زعيم عشيرة أو شيخنا على معيته، فالمال والجاه وحدهما لا يكفيان،  فمرحب به من قبل الكل للقيادة، بشرط تطبيق الدستور العرفي للعشائر العراقية في مثل هكذا أمور، التي تتطلب موافقة الأغلبية، مع استخدام الطرق والتقاليد والأعراف والسنن السائدة والحقائق التاريخية في هذا الجانب التي ترسخت في العشائر العراقية للوصول الى هذه المنزلة المشرفة التي تحمل صاحبها المسؤولية الكبيرة جهداً ومالاً، من أجل خدمة أهله وذويه والوقوف معهم في السراء والضراء في وسط هذه الغابة الكبيرة المليئة بالأشواك والعقارب.

   لقد وثقت كتب التاريخ الحديث للعراق الحقائق الكاملة لتاريخ عشائرنا العراقية المحترمة وقادتها، والتي لا يمكنالتغاضي عنها، من السادة أمراء القبائل والشيوخ والأفخاذ والوجهاء منذ تأسيس الدولية العراقية الحديثة في بداية القرن التاسع عشر.

    إن هذه المشكلة المحلية؛ التي تتعلق بالمشيخة والوجوهيةوالتي برز دورها الكبير بعد العام 2003. تكاد تطغى على معظم عشائرنا وقبائلنا في محافظاتنا العزيزة نتيجةالتوسع الكبير وانشطار العشائر بسبب التزايد السكاني،وظهور الأجيال الجديدة من الشباب ووفاة بعض الشيوخالكبار رحمهم الله، وظهور أولادهم وأحفادهم من المثقفينوالمتعلمين في تولي وقيادة عشائرهم المحترمة، أو اعتذار بعضهم لتولي هذه المسؤوليات الجسيمة نتيجة متطلباتها الكثيرة أو لأسباب اجتماعية أو مالية أو غيرها. نقول لهم عراقنا أولاً وقبل كل شيء فلنحافظ عليه . ونختم مقالتنا، بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ) . صدق الله العظيم

أحدث المقالات

أحدث المقالات