قل الصادقون وكثر الكاذبون

قل الصادقون وكثر الكاذبون

لم يتمالك سائق سيارة الاجرة ( التكسي ) الشاب نفسه واخذ يتنهد وبحسرة كبيرة قال عمي عن اي مستقبل وعن اية انتخابات تتحدث واحزاب السلطة  اسلامويه وغيرها تسرق وتنهب وتخرب .. انا خريج ادارة واقتصاد فرع محاسبة منذ 2016 وكما تراني لم احصل على فرصة توظيف لا في مؤسسات الدولة ولا في القطاع الخاص فالكل تطلب منك مبالغ نقدية غير قليلة مقابل التعيين مقدماً وقد ضاعت علي مبالغ كثيرة لانهم يخدعوننا في نهاية الامر ..

سكت ولم اعرف بماذا اجيب ففيبدو ان موجة التزييف وتزوير الحقائق والكذب والتضليل اجتاحت مجتمعاتنا البائسة ومنها عراق ما بعد الاحتلال فصار سارق المال العام شاطر ومزور الحقائق من الاعلاميين وسواهم اذكياء والخائن مجاهد والمنافق الانتهازي واقعي والدعي الكذوب محبوب ..وصار مثل هؤلاء يتصدرون المواقع والمجالس فكثر الكاذبون وقل الصادقون .. ففي زماننا هذا حيث انقلبت المفاهيم حتى اخذ البعض وبصريح العبارة يوصف الصادق ( بالقشمر ) .. فالصادق صاحب المباديء صار عند البعض معرض سخرية واستهزاء فهو بحسب رأيهم لا يعرف ان يعيش ولا يجيد اقتناص الفرص وهو البليد عديم الذكاء .. ومن سخريات القدر ان يكون لمن يزيف التاريخ ويقلب الحقائق ويزورها مشاهدين يتابعون ما ينشر من زيف واكاذيب وتسلط عليه الاضواء ويجني الاموال ويبني الفلل في مختلف دول العالم والقصور .. وعلى عكس ذلك اضطر الصادقون على الانكفاء والانزواء المحظوظ منهم من يجد لقمة العيش .. حقيقة مؤلمة وموجعة نلمسها في حياتنا اليومية كل يوم في حديث منمق لسياسيي الصدفة ووعود وتصريحات تتزايد عند كل حملة انتخابية .. ومع كل ذلك فان هنالك اشخاص ومنهم شباب في مقتبل العمراناث وذكور يصنعون نماذج للتضحية من اجل الوطن والمواطن ، لاتثنيهم هذه الظواهر ويعدونها طارئة فتراهم في مقدمة كل تظاهرة او فعالية سياسية واجتماعية يرفعون اصواتهم عالياً ليفضحوا كل منافق دعي وكاذب وخائن .. مثل هؤلاء تحملوا الكثير من حملات التشويه والطعن والقمع بعد ان رفضوا كل المغريات التي قدمت اليهم ليتنازلوا عن مواقفهم المبدئية انتصاراً للوطن  واثبتوا انهم اكبر من ان يشتري الفاسدون ذممهم ..

قد نعيش في عالم غريب انقلبت فيه المفاهيم غير ان الحقيقة التي تؤكدها تجارب التاريخ البعيد والقريب ان النصر حليف الصادقين المبدئيين مهما طال الزمن او قصر ففيهم الامل .. ربما لايتقبل البعض مثل هذه الكلمات ويعتبرها مثاليهمفرطة بعيدة عن الواقع ، غير ان حقائق التاريخ تشير الى ان كل زيف طاريء وهو الى زوال ..

اخيراً لنتمسك بالامل ونبعد عن روحنا اليأس .. ولنتعلم من تجارب الحياة لنعرف كيف نبني وطناً لا مكان فيه للفساد والفاسدين الكاذبين و نصنع حياة حرة كريمة يعيش الانسان فيها امناً مطمئناً بلا خوف .

أحدث المقالات

أحدث المقالات