القمم العربية بين الأمس واليوم

القمم العربية بين الأمس واليوم

لم تعد للقمم العربية أية أهمية وصدى يذكر لدى المواطن العربي بعد ان فقدت بريقها واهميتها وثوريتها وقوتها برحيل الزعامات والقادة العرب الكبار الذين عرفوا بثوريتهم وروحهم القومية من أجل وحدة الأمة العربية والقضية الفلسطينية أمثال ، الزعيم عبد الناصر، والسادات ، وياسر عرفات ، وبومدين ، والقذافي ، فقد تحولت القمم العربية الى مجرد اجتماعات ولقاءات باهتة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة! ، تعقد كل سنتين وبشكل دوري في هذه العاصمة العربية وتلك ، لا أحد يعلم بانعقادها وحتى بانتهائها!وبقدر ما انعقادها لا يهز شعرة من أعداء الأمة العربية ،فبنفس الوقت كان انعقادها لا يحرك ساكنا لدى المواطن العربي! ، المهموم بمشاغله وبحياته وبكيفية تدبير معيشتهوتمشية حياته اليومية ، بعد أن صار يقينا لديه بأن الأمة العربية هي أسوء أمة أخرجت للناس! بسبب من حكامهاالظلمة وقسوتهم وجبروتهم وطغيانهم وعمالة الكثير منهم! ،وبالتالي لا خير ولا أمل يرتجى منهم ولا من قممهم . فمنذ انعقاد أول قمة عربية في قصر (أنشاص) في مصر بدعوة من الملك فاروق للفترة من 28 – 29/ مايو/ من عام 1946 ،لتدارس أوضاع البلاد العربية وموضوع فلسطين! وانتهاءبالقمة ( 34) الأخيرة التي عقدت في بغداد السبت الفائت الموافق 17/5/2025 ، وبعد مرور 79 عاما بين انعقاد أول قمة وآخر قمة ، نجد العرب قد ضاعوا وتفرقوا أكثر وازدادوا تخلفا وتمزقا واختلافا ، ووصل بهم الحال أن تحاربوا وتقاتلوا فيما بينهم واصبحوا أعداء بعضهم البعض! ، ولم تعد تجمعهم رابطة الدم واللغة والدين ، حيث لم يعد فيها أية معنى لديهم! . وبعد ان كانت أمريكا وبريطانيا والامبريالية العالمية وإسرائيل هم أعداء الأمة ، وبعد أن كانت الجماهير العربية تهتف ( أمريكا ضد العرب شيلوا سفارتها!) ، صارت القمم العربية الأخيرة تعقد بأوامر أمريكا وبحضور رئيسها شخصيا! ، فما الذي جرى؟ وأي تبدل هذا؟ ، وأي انتصار حققته أمريكا وإسرائيل على العرب !؟ ، فبعد 79 سنة أصبحت أمريكا هي من تقرر عقد القمة؟ وأين؟ ومن الذي يحضر؟ ومن الذي لا يحضر!؟ .ومن الطبيعي أن خيانة غالبية زعماء الأنظمة العربية وعمالتهم لأمريكا ولأسرائيل هو السبب وراء ما أصاب الأمة العربية من تراجع وتشتت وتمزق وهزال . ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك التغيير والتبدل والتراجع في مواقف الأمة العربية على القضية الفلسطينية التي كانت تمثل محور وجوهر انعقاد كل القمم العربية ، فضاعت هي الأخرى! ، بين تدخل هذه الدولة ، ورأي ونصح الدولة الأخرى ، حتى تيقن الجميع وأولهم أهل فلسطين نفسها! بأن غالبية الزعامات والقيادات العربية تاجرت بالقضية الفلسطينية من أجل مصالحهم الشخصية والسياسية الفئوية الضيقة! ، ومن أجل بقائهم على كراسي الحكم أطول مدة ، مما أدى بالتالي الى تمزق القضية الفلسطينية من الداخل وتعدد فصائلها المقاومة! فهذا الفصيل يتبع لهذه الدولة وذلك الفصيل يستلم أوامره من تلك الدولة! ، حتى وصل بهم الأمر للتقاتل فيما بينهم! . لقد اختزلت القضية الفلسطينية بكل تاريخها ونضالها وجراحاتها وتضحياتها بصورة ومشهد مدينة غزة التي تذبح يوميا ويباد أهلها ويدفنون تحت التراب بدم بارد منذ اكثر من سنة ونصف من قبل إسرائيل وأمريكا ، ومعهم الأنظمة العربية العميلة الجبانة والمطبعة مع إسرائيل ، فبعد 79 عاما استطاعت إسرائيل أن تفرق العرب أكثر مما كانوا هم متفرقين! ، بعد أن وجدت لديهم الاستعداد للفرقة والعمالةوأن يكونوا أعداء بعضهم البعض! ، وما قمة بغداد التي انعقدت أخيرا وما جرى فيها من تداخلات ومواقفواحراجات! ، ناهيك عن التمثيل النسبي والصوري لغالبية الزعماء والقادة العرب وخاصة ( دول مجلس التعاون الخليجي!) حيث أرسل الجميع من ينوب عنهم! ، ألا دليل واضح على عمق الخلافات التي تعصف بهذه الأمةوصعوبة حلها! ، حتى ينتابك أحساس بان حضور من حضروا جاء من باب ذر الرماد في العيون كما يقال !! ،وبالتالي فقمة بغداد لم تكن قمة استثنائية ، كما أطلق عليها وكما كان يراد لها! ، نعم كانت استثنائية بالفشل!!وبشهادة غالبية السياسيين والمتابعين للشأن العراقي من العرب والأجانب . فالقمة لم تكن كما كنا نتصورها ونريدها ، فقد تركت غصة كبيرة من الألم لدى العراقيين بما فيهم البسطاء من الناس ، الذين لم يجدوا أي مبرر لعقدها! ،وعّبر الشارع العراقي عن سخطه وألمه على أن الأموال التي صرفت من أجل التهيئة لانعقادها ، كان هو أولى بتلك الأموال! ، وكانت قمة الألم في هذه القمة الاستثنائية لدى العراقيين هو تبرع العراق بمبلغ 40 مليون دولار الى كل من غزة ولبنان!! ، بالوقت الذي يعيش أكثر من ثلث العراقيين تحت خط الفقر!! ويسكنون العشوائيات ، ناهيك عن موضوع تامين الرواتب الشهرية للموظفين والمتقاعدين التي تعاني الدولة من صعوبة تأمينها شهريا!! ، حيث يرى العراقيين أن قمة بغداد كانت استثنائية ببهرجتها الخارجية وبالبذخ الذي لا مبرر له!. والسؤال ماذا عملت هذه القمة؟ وماذا قدمت من حلول للمشاكل والأزمات والخلافات العربية؟ وماذا عملت وماذا قدمت للقضية الفلسطينية؟ فمشروع استكمال أبادة وتهجير الفلسطينيين من أهالي غزة يسير كما هو مخطط له!! ، وموضوع حل الدولتين الذي طالما نادى به القادة العرب أصبح في طي النسيان! فقد استطاعت إسرائيل وأمام هذا الصمت العالمي لكل المجازر التي ارتكبتها وترتكبها أن تغير موازين المعركة!! في غزة وفي سوريا ولبنان ، حيث توسعت كثيرا بعد أن استولت على الكثير من الأراضي على حساب هذه البلدان! . أخيرا نقول : بالأمس وأثناء انعقاد مؤتمرات القمة كانت خطابات الزعامات العربية التاريخية وهم في أوج قوتهم وعنفوانهمومواقفهم وصراخهم وعنادهم ، كانت توصف من قبل المراقبين والمحللين السياسيين ، تارة بالخطابات العنترية التي لم تقتل ذبابة! ، وتارة توصف خطابات الزعماء وصراخهم ، بأنهم ظاهرة صوتية لا يخاف منها!! ، ومرات ومرات كتبوا عن قرارات القمم بعد انتهائها العبارة الشهيرة ، ( أتفق العرب على أن لا يتفقوا!) ، وصار الشارع العربي صغيرهم وكبيرهم ، يتندر على هذه العبارة! ، فاذا كانت تلك القمم وبوجود أولئك الرؤساء توصف بتلك الأوصاف ؟! ، فيا ترى ماذا سيقولون وماذا سيوصفون قمم اليوم!!؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات