في الدول المستقرة يكون الولاء للدولة امتدادًا للثقة بها أما في الدول الهشة فيصبح الولاء مشروطًا هشًّا يتأرجح مع المصلحة وشعور المواطن بالعدل أو التهميش ليس لأن المواطن بلا انتماء بل لأن الدولة تخلّت عن دورها كراعية للعدالة والحقوق.
العراق اليوم يقدم أنموذجًا مؤلمًا لهذا التحول حين يشعر المواطن أن الدولة لا تراه إلا كرقم طائفي أو حزبي تُصبح المواطنة عبئًا شعوريًا لا رابطة حقوقية. ويتفاقم الشعور باللاانتماء حين يُفضَّل البعض بلا وجه حق وتُبنى الدولة على طبقات من الولاء السياسي لا الكفاءة أو المواطنة المتساوية.
قضية خور عبد الله كانت لحظة رمزية مفصلية لم يُرَ فيها مجرد اتفاق حدودي بل تنازل عن السيادة خاصة مع طعن السلطة التنفيذية بقرار البرلمان الرافض للاتفاق. هنا شعر المواطن أن الدولة تقف مع الخارج ضد إرادة الداخل فاهتزت الثقة وتعمّق الشرخ.
هذا الشرخ لا يتوقف عند حدود السيادة بل يمتد ليضرب جذور الانتماء. المواطن حين لا يُنصف يبدأ بالانفكاك الصامت: يبحث عن عشيرة، طائفة، هوية فرعية ، وطن بديل… وتفقد الدولة قدرتها على احتواء مواطنيها.
ما الحل؟ الاعتراف أولًا أن الولاء ليس فرضًا أخلاقيًا بل نتيجة عدالة والعدالة تبدأ من الإنصاف من مساواة بين مواطن وآخر، من شراكة حقيقية لا تهميش ومن مواطنة تُبنى على الحقوق لا الامتيازات.
فالدولة التي تطلب الولاء عليها أن تُثبت أهليتها له.