تاريخ الدولة العثمانية في العراق تاريخ حافل بالطائفية والضرائب والاتاوة والشقاوة والفتن والاستبداد ، ومن تحمل كل هذه الاعمال هم الشيعة في العراق بشكل مجحف ، ولكن عندما تعرض العراق للاحتلال الانكليزي في الحرب العالمية الاولى (1914) افتى بعض علماء الشيعة بالجهاد ضد الانكليز نصرة للاسلام من خلال الوقوف مع الجيش العثماني ـ هنا معلومة ان الجيش العثماني عدده (7200) جندي بينما عدد المجاهدين الشيعة (18000) مجاهد ( المصدر/ قرات لكم/ تاليف سامي جواد) ـ ودارت رحى الحرب وتكبد الشيعة خسائر فادحة مع خسارة الحرب ولست بصدد الكتابة عن تبعيات هذه الحرب ، ولكن الذي لفت انتباهي كتاب صدر من مركز تراث سامراء بعنوان ( فتاوى مراجع الدين بالجهاد عام 1914 في وثائق الارشيف العثماني / جمع وترجمة الدكتور سامي المنصوري ) صدر سنة 2022.، طبعا جهود المركز والمترجم جهود رائعة ولا علاقة لهم بما نشكل عليه لانهم نقلوا وترجموا نصوص وثائق عثمانية موجودة في المؤسسات التركية المعنية بالوثائق .
في الكتاب (48) وثيقة ، ذكر فيها اسماء علماء الشيعة (24 ) عالما .
محل شكي بالتزوير : اولا ان كل الوثائق صدرت في يوم يواحد اي كل فتاوى الجهاد لاربعة وعشرين مجتهدا صدرت في يوم واحد ، هو يوم 13 كانون الاول سنة 1914 . وهذا يعني ان بعض المراجع صدرت له اكثر من فتوى في اليوم الواحد ام صدرت خلال فترة الاحتلال والحرب وهنا محل توقف واستفسار .
ثانيا : مسالة ترجمة النص وكما ذكر المترجم انها صدرت عن العلماء باللغة العربية والفارسية وهنا امرين ، الامر الاول لماذا بالفارسية وعلاقة الدولة العثمانية علاقة سيئة بالفارسية بل ان الجنسية العثمانية تعطى لمن يلتحق بالخدمة العسكرية ، وبعض العراقيين يمتنعون من الحصول على الجنسية العثمانية حتى لا يخضعوا للخدمة الالزامية ، فهل يهرب من الخدمة العسكرية يلتحق للقتال ، ومن كان في ايران فان محاربة الاستعمار الروسي والبريطاني في ايران اولى لهم من القدوم الى العراق لمقاتلة الانكليز ، والامر الاخر وهو المهم ان كانت الفتاوى صدرت باللغة العربية فلماذا كثرت الاخطاء العربية وهي التي لا تحتاج الى ترجمة بل نقل نصها وتعميمها على الولايات العراقية حسب امر الباب العالي ، وهنا اشك بانه اسلوب مديرية الامن التابعة للداخلية في كتابة هذا الكم من الفتاوى .
ثالثا: وللتاكيد ذكر الدكتور سامي في مقدمته بانه حاول المركز وهو معهم في الحصول على اصل الفتاوى التي صدرت عن المجتهدين وبخطهم للمقارنة والتاكد من صحتها فلم يحصلوا ولو على فتوى واحدة لاي مجتهد منهم ، ومكتباتنا مليئة بالمخطوطات والاجازات سواء بالاجتهاد او الرواية وحتى قصاصات ورق بخط المجتهدين فهل حقا لا توجد ولو ورقة واحدة لفتوى السيد اليزدي او الحبوبي ، علما انها حقا صدرت عن هذين المجتهدين فتوى الجهاد ، لكن يبقى التاكد من النص وبقية العلماء .
الدولة العثمانية في الوقت الذي يقاتل معهم الشيعة كان القائد التركي رؤوف باشا معاون سلمان العسكري طريح الفراش لانه مصاب كان يقول بعد فتح الشعيبة سنفتح الجنوب والفرات الاوسط بطرد عشائر الشيعة منها ، وكان الوالي العثماني على الحلة سنة 1916 يدكها بالمدافع وشنق (126) مواطنا وبالرصاص اعدم الكثير حتى اخذ نساء واطفال سبايا الى الاناضول ( المصدر كتاب زعيم الثورة العراقية تاليف عباس علي الصادر سنة 1951) ، من يتعامل هكذا مع الشيعة لا استبعد تزوير الوثائق .