16 أبريل، 2025 10:23 ص

إلا كما طار وقع.. قانون الجاذبية لا ترحم

إلا كما طار وقع.. قانون الجاذبية لا ترحم

في بلاغة العرب وحكمتهم، يتردد صدى قول مأثور يحمل في طياته عمق
 التجربة ومرارة الواقع:
 “ما طار طير وارتفع، إلا كما طار وقع”
هذه الكلمات القليلة تختزل حقيقة كونية وتلامس طبيعة النفس البشرية التي قد يغريها العلو المؤقت بنسيان الأصل والمصير.
تصور طائراً، أيّاً كان جنسه أو لونه، يحلق في عنان السماء، يتمايل بجناحيه في رشاقة وثقة. قد يخـيّل إليه وهو سابح في الفضاء الرحب، أنه قد تجاوز حدود الأرض وأنه قد ارتقى إلى مصاف الغيوم، متعالياً على المخلوقات التي تظل أسيرة جاذبية التراب. يزهو بارتفاعه وينتشي بحريته وقد يغفل عن حقيقة دامغة تتربص به.
فمهما حلق الطائر عالياً ومهما استطال به الأمد في الأجواء، فإن مصيره المحتوم هو الهبوط. قانون الجاذبية لا يرحم وسنة الكون لا تتبدل. كما بدأ صعوده من الأرض، سينتهي به المطاف إليها. قد يكون الهبوط سلساً وآمناً وقد يكون قاسياً ومؤلماً، لكنه في كل الأحوال واقع لا مفر منه.
هذه الحكمة البليغة لا تقتصر على عالم الطيور وحده، بل تمتد لتشمل جوانب عديدة من حياة الإنسان. مقولة تذكرنا بأن كل صعود مهما بلغ ذروته، يعقبه نزول. وأن كل قوة مهما تجبرت، يأتي عليها الضعف وأن كل عظمة مهما تجلت، يطويها الزمان.
فلنتأمل هذه المقولة ملياً ولنجعلها نبراساً يضيء دروب حياتنا. لنتذكر دائماً ونحن في أوج نجاحنا أو في لحظات زهونا، أن التواضع هو خير زاد وأن الاعتراف بالقصور هو سبيل الحكمة. فالسماء مهما اتسعت، تبقى الأرض هي المستقر الأخير والارتفاع مهما طال، يعقبه الوقوع.
تواضع قبل أن تخفض جناح الذل وتهبط  في المكان الذي كنت فيه وبين مخلوقات الأرض. ستهبط إلى الأرض.. ففيه مستقر لك وزادك وقوتك التي تعينك على الحياة.
ولأن الخالق واحد أحد.. فإن القوانين تنطبق على الحيوان والانسان والجماد والنبات على حد سواء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات