في عيد المراة8/اذار ما تجينا..

في عيد المراة8/اذار ما تجينا..

صفحات تاريخ البشرية لم تخل من قصص الحب العذري ونماذج الملهمات .. ومن نساء شاركن في قصص العشق الخالدة..
وحري بنا في هذا اليوم العظيم ان نستذكر هذه القصة الجميلة من مدينتي الناصريه.

ما أن نشرت تسجيلا فديويا لرائعة حسين نعمة..اغنية ما تجينا.حتى اتصل وسٵل الكثيرون عن شاعرها ومبدع كلماتها..ﭐصبوحة جميلة قضيتها مع الشاعر عادل العضاض على شاطئ الفرات وحديث طويل عن. وجع وولادة هذة القصيدة..

وأنا أرنو الى الأفق البعيد في صبيحة يوم مشمس ماشيا على كورنيش الناصرية .مدينتي المخضبة يديها بحناء التفرد والتميز في كل الفنون والشعر والأدب ، والسابحة جدائلها بطين الفرات وموجاته الذهبية . بالكاد حبست دموعي وأنا أرى دمعة ترقرقت على خد شاعر وجداني مرهف بلغ الستين يتكأ على يدي وقد وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبا .

كانت رائعة (ماتجينا) بصوت غريد الفرات حسين نعمة تنبعث من هاتفي ونحن نسير ألهوينا وسط صمت وإصغاء روحي تعبدي رهيب يلف صدورنا ويلف المكان.

أغنية مثقلة بالحزن والدمع والعتب الشجي ،لا ادري لما كتب الحزن علينا .وكان القدر لايعرف لأبناء الجنوب غير السوداوية والشجن المميت سلوى وبلسم لقلوبهم.

بعد ان كفكف الشاعر عادل العضاض دموعه حدق في وجهي طويلا بعينين رماديتين أخذت منهم لوعة وحسرة فقد ابنته البكر قبل أعوام. الكثير فخف بريقهما وضاقت حدقتاهما

بعد أه طويلة تحدث لي عن مرثية (ماتجينا ) قائلا:

كنت قد عشت قصة حب عنيفة وكان عشقا صادقا تحده الطيبة والوفاء والعفة وهو سمة عامة للحب العذري في ستينات القرن الماضي .قصة جميلة مرت بحياتي قبل خمسة و أربعون عاما ومازلت احن إليها والى تلك الأيام الجميلة المفعمة بالصدق والإخلاص. لكن شاءت كف القدر إن تفرق بين قلبينا بعيدا رغم إننا قريبين بالمكان .

بعد شهور التقت أعيننا في أروقة المستشفى الجمهوري وانأ ازور قريبي المريض . فأشعل الحب حريقا في قلبي وتجدد الحب الذي نسيته بعد إن طوته يد الأيام ..كان عتبا لذيذا ومناجاة لروحين شاءت الأقدار إن يلتقيا مرة اخرى ,فخرجت هائما وانأ الهج (ماتجينه والعمر خلصت سنينه )وفي تلك اللحظات ولدت القصيدة: ماتجينه وتحديدا عام/ 1976، والتي كتبت بتعبير صادق عن معاناتي في ذلك الوقت، ولازلت أتذكر اني خرجت هائما على شاطئ الفرات لكي أكتب القصيدة وسهرت حتى مطلع الفجر لإتمام كلماتها واختيار مفرداتها.

وبعد شهرين كنت في زيارة لبغداد والتقيت بمبنى الاذاعه والتلفزيون بالمطرب ياس خضر وكان متألقا ومميزا في الساحة الفنية بعد اغنيتة (ليل البنفسج).فطلب مني قصيدة لأغنية تفيض حبا وعتبا.

فأجبته بأنها جاهزة . واسمعتة مقطعا منها فربت على كتفي وقبلني قائلا((الله الله هي هاي )) انا بانتظارك .؟

عدت الى الناصرية وأجريت تعديلا بسيطا على بعض كلماتها ووضعتها في مظروف متو جها الى دار اخي وصديقي الفنان حسين نعمة والذي كان كثير السفر بين بغداد والناصرية لإيصالها الى ياس خضر .فوقفنا باب الدار وطلب مني أن يسمعها.

وما إن أتممت قراءة مطلع القصيدة حتى علا نحيب حسين نعمة واغروقت عيناه بالدموع .ومسك الورقة وقال لي أنا أحق بهذه القصيدة .

سعدت بهذا الطلب لثقتي بان حسين سيجعلها أغنيه حية متجددة، وهي منسجمة مع صوته المملوء دفئا ولهفة وشوق وستطلب وتتجدد في كل حين لسماعها بصوته الدافئ الجميل من قبل عموم الناس.

وحين سألته عمن يلحنها. قال لي دع الأمر لي.هناك ملحن شاب يعمل مديرا للرقابة التجارية في الناصرية واسمه جمال فاضل وهو فنان فطري ومبدع في الحانة وضربات عودة تشق الصخر ويفيض إبداعا وفنا واعتقد أنة سيكون موفقا جدا.

أجرينا عدة تدريبات في دار جمال ودار حسين وحذفنا بعض المقاطع.لتستقيم مع موسيقى والحان القصيدة .وشعرت بنشوة وفخر وانأ اسمع أداء حسين الرائع والحان جمال التي تأسر النفس وتداعب الخيال .وعرفت إن هذه الأغنية ستكون متجددة وخالدة.

بعد سنتين أبرمت شركة النظائر في القاهرة عقدا مع الفنان حسين نعمة لتسجيل ستة اغاني فسجلت في القاهرة عام 78 مع أغنية (حبيب انساني والقدر ومكتوب واغني اخرى ).

وشكلت أغنية ماتجينا هوية لعادل العضاض ويقول البعض إن قصيدة ماتجينا تكفي لي بان تكون تاريخي وعطائي .

حقا أنها مرثية الحب الضائع نستذكرها في هذا اليوم الاغر عيد المراه ،والتي لاتزال تثير بي وبالآخرين من مالكي الذائقة الشعرية الرفيعة الشجون واللواعج وتبعث في جوانحي ذكرى اليمة.