عندما اخترنا اخطر مهنة بالعالم كنا ندرك جيداً معنى المخاطرة والمسؤولية ، اخرتنا هذه المهنة حباً بها وانطلاقاً من مبدأ حرية التعبير والإيمان بترسيخ القيم الانسانية اولها الكرامة والمساواة ، يعمل اغلبنا بشكل تطوعي دون مقابل والمسؤولين المختصين في هذه المجال من رؤساء ومدراء تحرير في الصحف ومدراء المحطات الفضائية ومواقع الانترنت يدركون ذلك ، الصعوبات والتحديات التي نواجهها في هذا المجال كثيرة القتل من المتطرفين ، الاختطاف من الميليشيات ، اعتداءات وملاحقة المفسدين ، اساءات وإهانات بعض عناصر القوى الامنية ، حجب الخبر و حصره
لأطراف اعلامية معينة بصفقات سرية ، كل هذه التحديات وأكثر لم تثننا عن اداء الواجب الانساني الوطني بل عززت ذلك اكثر ، ولإزاحة هذه التحديات وممارسة العمل بحرية لجأنا الى دارنا الكبرى التي تجمع ابنائها دون تمييز لإثبات هويتنا الصحفية لغرض تسهيل مهامنا رغم امتلاكنا هويات ممارسة مهنة من قبل المؤسسات الاعلامية التي ننتمي اليها ونعمل لحسابها ، تقدمنا بأكثر من ملف طلب انتساب منذ عام 2011 بعد ممارستي المهنة لأكثر من سنة ولم اكن وحدي في تقديم الطلب بل كنا عدد من الشباب الصحفي ، لم نكن نطمع بمكافأة تشجيعية تخصصها الحكومة ولا بقطعة ارض ما
زلت لا امتلكها رغم تعرضي لأكثر من تهديد بل لإثبات هويتي المهنية الحقيقية والوصول الى المواطن الذي يعده البعض نائياً بعيدا عن الواجهة لإيصال صوته ، حاولت ان اكون صوت ذلك المواطن ليس تملقاً مني او الادعاء بالوطنية المثلى ففي النهاية انا انسان كبقية البشر لي محاسن ومساؤي ولكن لان القسم المهني الذي اقسمته يوما ما وضميري كانسان عراقي تحتمان عليّ اداء الواجب بأمانة .
كنت قد فزت بجائزة الشهيدة ” نورس النعيمي ” الابداعية التي نظمتها وزارة الشباب والرياضة اواخر 2013 وكان فوزي ضمن فئة افضل تحقيق صحفي لصحفي شاب وتمت دعوتنا للتكريم وخلال الحفل التقيت نقيب الصحفيين العراقيين السيد مؤيد اللامي لكن لم تسنح لي الفرصة للاستفسار منه شخصياً عن سبب تعليق الانتماء لأنه مضى بسرعة بعد ان القى كلمته وكان يبدو مشغولاً جداً .
انشغالات النقابة ومسؤولياتها مقدرة من جانبنا لكن ما اثارني هو ان عدد كبير من الاشخاص ممن لا صلة لهم بالمهمة الصحفية ومنهم موظفين او اقارب لمسؤولي مؤسسات اعلامية قد انتموا الى نقابة الصحفيين العراقيين ” بحسب ما سمعت ” يمنحون الامتيازات التي تترتب عليها كدخول المؤسسات الحكومية واستثنائهم من اجراءات كثيرة وحصولهم على منح ومكافآت تشجيعية ومنحهم مؤخراً قطع اراضي سكنية في حين انهم بعيدون تماماً عن المهنة الصحفية وما لها وما عليها !
هوية النقابة الدسمة ليست إلا جوكر للحصول وليس المنح لدى البعض ، على عكسنا تماماً ، نتحمل مخاطر المهنة والمجازفة لمرافقة الحدث وتغطيته للشعب وان كان مميتاً يكلفنا حياتنا والجميع يدرك المخاطر في العراق وخصوصا على الصحفيين .
لم نطمع بشيء بل اكتفينا بما لدينا وان كان اغلبنا يسكن دوراً مؤجرة يعمل عملاً اضافيا لتوفير اللقمة لأسرته لكنه لم يتخلى عن مبادئه واستمر في العمل ونقل الحقيقة كما هي ليدرك ابناء هذا الشعب ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ، لم نجعل المهنة سلَّم للوصول الى الامتيازات والفرص المادية لان المثقف اذا ” باع ضميره ” فعلى الدنيا السلامة .
الازدواجية في التعامل مع الصحفيين يكسر الصمت ويدفع للمطالبة بالحق رغم حياءنا من المطالبة ، لكن ما الفرق بين نينوى وديالى والنجف وبغداد وغيرها من المحافظات ، كلنا صحفيون عراقيون نعمل لهذا الوطن وشعبه .
الصحفي في نينوى يمنح قطعة ارض بلا هوية انتماء للنقابة حسبما ذكرته وسائل اعلامية موصلية والصحفي في ديالى لا يمنح قطعة الارض المخصصة له الا بالانتماء للنقابة رغم ان عدد كبير من اعضائها لا يزاولون المهنة ، وهنا نتساءل ما هذا التناقض ؟
هل تستهدف الاعتداءات الصحفيين من حاملي هويات النقابة فقط ؟
هل تستثني عمليات الاعتداء والاعتقال والإهانة من لا يحمل هوية النقابة ؟
هل ينقل الحدث ويعرض حياته للخطر ويُيتم اطفاله من كان يحمل هوية النقابة فقط ؟
زملاء كثيرون فارقوا الحياة وهم يؤدون واجبهم المقدس وزميلات سالت دمائهن الطاهرة على هذه الارض واثبتن شجاعتهن والأغلب لم يكن ينتمي للنقابة ولم يكن يحمل هويتها لكنه كان مؤمناً بالأمانة وهو يدرك المخاطرة والاستهداف من قبل الارهاب والمفسدين .
الاكتفاء بتأييد المؤسسة الاعلامية ومنح الاستحقاق هو دليل على النزاهة والشفافية كما اقرت في ضوابط نقابة الصحفيين في نينوى والأمل في اعادة النظر في الخلفيات المهنية للمنتمين للنقابة الموقرة يدفعنا للتمعن والانتظار فيما سيقدمه المسؤولون عن دارنا التي نلجأ اليها دائما لكوننا ننتمي اليها مهنياً وان كنا لا ننتمي اليها بهــوية ، حقوق الصحفيين في ديالى وغيرها امانة لدى النقابة ، والاعتماد على هوية النقابة ليس بالضرورة لضمان الشفافية والعدالة للأسباب التي ذكرتها سلفاً ، ولأننا حاولنا لأكثر من مرة للانتماء وقدمنا ملفاتنا الشخصية
محتوية كافة المستمسكات المطلوبة ” ما ذنبنا ان كانت النقابة قد علقت العضوية هل هذا سبب مقنع ليحرمنا من حقوقنا نحن كصحفيين ” .
وزعت الوجبة الاولى من الاراضي في ديالى وقيل ما قيل ، لكن ثقتنا بنقيب الصحفيين في ديالى السيد “ساجد المهداوي ” كبيرة ونحن ندرك حبه لصحفيي المحافظة ودفاعه عن مبادئه ودعمه المتواصل للصحفيين الشباب من خلال التواصل والمتابعة والأسلوب المثالي في التعامل معهم ، وفي النهاية فان الضوابط تصدر من النقابة المركزية وما لنقابة المحافظة إلا تنفيذ الضوابط والتعليمات ، امل الصحفيين في الوجبة الثانية لان البعض ما زال يسكن دوراً مؤجرة لم يحصل على استحقاقه في الوجبة الاولى والسبب ” هوية النقابة ” ، المطالب ليست مستحيلة في منح الاراضي لمستحقيها
من الصحفيين الذين يعملون ويقدمون رغم كل التحديات في ديالى ، شهادة المؤسسة الاعلامية التي تؤيد استمرار الصحفي بالعمل معها افضل وثيقة للإثبات تؤكد انتمائه الحقيقي للأسرة الصحفية اقلها يدرك المثقف العراقي ان ثمة ارض يأوي اليها وأسرته في الحياة قبل ان يأوي لداخلها مغطى بقطعة قماش بيضاء دون نيل اقل استحقاق كما حدث مع كثير من الاخوة والأخوات من الاسرة الصحفية .