لا اقصد من قرأ التاريخ عبث بالتاويل ولكن العبث عندما تصبح تحليلات الحدث وفق ميول قارئ التاريخ ومثل هذا طالعت الكثير الكثير ، وانا لا اشك ولكن اسال اسئلة شك للمعرفة .
من احداث التاريخ على سبيل المثال هي الفترة التي تمتد بين اواخر سقوط الدولة العثمانية وبداية الاحتلال الانكليزي ( 1905 ـ 1920 )، ولكل شرائح الشعب العراقي ادوار مختلفة مع هذه الاحداث بين التهليل والتقليل وبين العملاء والشرفاء وبكل مستوياتهم ومسمياتهم ، شيخ عشيرة ، شيخ دين ، مثقف ، سياسي ، تاجر وغيرهم ، لكن بالنتيجة الحدث حصل وتبقى المسميات والاسباب فيها الاشكال ولكثرة القراءات للحدث الواحد تكن كل القراءات عبث باستثناء قراءة واحدة صح .
اخص في هذه الفترة جهتين الانكليز متمثل بالمسز بيل ، ومراجع الشيعة ، ومن خلال مواقفهم جميعا التي قراتها من حقي ان اسال ، هنالك من امتدح المسز بيل وهناك من ذمها وهناك من جهل شخصيتها وكل هذا ضمن ما اطلع عليه كل صاحب راي ، الا يعني هنالك قراءات خطأ ؟ النتيجة انها جاءت لتعمل لاجل العرش الانكليزي هذا لا يختلف عليه اثنان ، وعملت بطريقة ملونة ، فتذهب الى الناصرية لكي تطلع على اثار اور لكي تحميها من عبث العابثين بعد سقوط الدولة العثمانية هذا ما اعلنته في وقتها وهي من قالت في رسائلها ذهبت لمعرفة العشائر وميولهم وطبائعهم واستدراجهم للوقوف مع الانكليز .
اخترقت اغلب شرائح المجتمع العربي لتعرف ماهيته ولكنها اعترفت وبكلام حاد وقاس عن طبيعة علماء الشيعة لانها ان ارادت ان تُسخّر من يخترق حلقات العلماء التدريسية وما يجري فيها فانها تستطيع وبسهولة لان حلقات التدريس مفتوحة لمن يطلب العلم ، والامر الاخر ليس لدى العلماء استخبارات واهداف مخفية على شعبهم ، بل اهدافهم واضحة وهي خدمة الدين الاسلامي وهذا يعني الايمان العدالة الاخلاق الكرامة وغيرها ، وعندما حاولت ان تخدع الرؤوس الكبيرة فشلت فشلا ذريعا ، ولكن استطاعت ان تخدع متطفل ليرتدي عمامة رجل دين ويكون اجير لها وهذا ما سماه اهالي النجف ( علماء الحفيز ) يعني العلماء الذين يجتمعون في الاوفيز الانكليزي لتلقي التعليمات والاكراميات وايصال المعلومات لهم.
قد يكون هنالك اختلاف في موقف المراجع في تلك الفترة والتي شهدت حرية مفرطة وتضارب في الرؤى السياسية ومشاكل برلمانية لاسيما المشروطة والمشروعة في ايران والقت بظلالها على العراق والدولة العثمانية تبعها الاحتلال الانكليزي وما روج له ولاة الدولة العثمانية من اشاعات بان الانكليز جاءوا لضرب الاسلام وحرق القران وهدم المساجد وما الى ذلك ،والنتيجة ان مراجع الشيعة تعاملوا بكل حنكة وحكمة مع هذه الاحداث كل حسب رايه وان اختلفوا بالاسلوب لكن الهدف واحد ، والمشكلة باشاعات علماء الحفيز والعوام .
وقالت مسز بيل السكرتيرة الشرقية لديوان المعتمد السامي البريطاني في العراق: (اما انا شخصيا فابتهج وافرح ان ارى الشيعة الاغراب يقعون في مأزق حرج فانهم من أصعب الناس مراسا وعنادا في البلاد) هذا على لسان عبد الله النفيسي وراينا الشخصي انه غير دقيق في نقل بعض معلوماته ولنا اثباتات عليه ، لكن مثل هكذا كلام لا يخلو من صحة وقصدها من اصعب الناس مراسا وعنادا في البلاد هم المراجع الكبار لانهم اصحاب دين وهدف اسلامي .
بالمناسبة هنالك اسلوب خبيث يتبعه الانكليز وهو رعاية شخصية ما لاجل تسقيطها اي عندما يرى العوام رعاية الانكليز لمرجع معين لايتعاون معهم يقولون عنه من علماء الحفيز وهذا الاسلوب اتبعه طاغية العراق .
اود الاشارة الى شخصية المرجع الاعلى السيد محمد كاظم اليزدي (توفي في 1920م ـ 1337هـ) وقد افتى بالجهاد ضد الانكليز وارسل ولده مع المجاهدين هذا حتى لا يقال انه تخلف عن بقية المراجع ، وهو القائل اي لا علاقة لي بالسياسة وهذا ليس قصورا منه او ان الاسلام لا يتدخل بالسياسة بل لانه يقرا الواقع بدقة وما ستؤول اليه الامور ولعل احداث النجف سنة 1918 التي قتل نجم البقال الكابتن المارشال الانكليزي في خان ابو كلل كانت النتائج وخيمة وحذرهم من هذه الحركة السيد اليزدي وقد عانت النجف طوال الحصار الانكليزي الخبيث عليها معاناة كارثية يعترفون بها واخيرا عملاء الانكليز من اهالي النجف هم من القوا القبض على من قاموا بالحركة باستثناء عباس الخليلي الذي تمكن من الهرب الى ايران وقام الانكليز بابشع صورة اعدام (11) مناضل ونفي اثنين الى خارج العراق .
هذه النتيجة قراها السيد اليزدي قبل حدوثها وغايته خوفا على اهالي النجف .
واما مسز بيل فانها حاولت وفشلت ان تجعل النجف مثل الفاتيكان لتصبح العجوز الذي لا يؤثر على القرار السياسي ، ومهما حاولت هي او ممن نصبتهم في الحكومة العراقية الملكية ان يغدقوا بالاموال للحوزة في النجف ففشلوا لان النجف قوة قرارها من تمويلها الذاتي .
الكلام يطول