ما أكثر الحركات المعارضة لحالة أو لأخرى , دون جدوى , فكل منها يدّعي بإمتلاك المشروع الأصلح وعلى الآخرين الإنقياد له , مما تسبب بتناحرها وعدم قدرتها على التوافق النسبي , وليس الإتفاق والتوحد تحت راية الوطن , بل كل يرى أنه يمثل الوطن لوحده.
تواصلهم السلبي يستحضر تفاعل المفكرين من أبناء الأمة , الذين يجيدون كتابة المشاريع في الكتب لتنام في الرفوف المظلمة , وما إستطاعوا على مدى أكثر من قرن أن يتفاعلوا بإيجابية , ويوحدوا جهودهم لبناء الحاضر والمستقبل , بل بسبب تناحراتهم وصلت أحوالها إلى ما هي عليه اليوم.
وبوضوح وإختصار , البلاد تنهض بإلغاء الأحزاب , وإبعاد الدين عن الكراسي , ونشر الثقافة القانونية والدستورية , وإجراء إنتخابات حقيقية يعبر فيها المواطن عن رأيه الحر , وتكون المواطنة مقياس , ويعتصم الجميع براية الوطن وينتمون إليه فقط.
فلا يوجد حزب نفع البلاد والعباد , وما عرف المجتمع إنتخابات صحيحة , ولن تنفع البلاد والعباد أي حركة معارضة مهما إدّعت.
لن يتحقق في المجتمع توافق على هدف , بل هي العنتريات ووهم المشيخة والمعرفة , وكل لديه القول الفصل , والجميع يرى أنا ولا غيري , ولن تجتمع السراة تحت خيمة واحدة , في مجتمع كل مَن عليه قال أنا.
فطغاة البلاد عبر العصور ربما لم يكونوا مخيرين في سلوكهم الإستبدادي , والديمقراطية يصعب تمثلها والتعبير عنها في مجتمعات شمولية التطلعات!!
إن مفهوم المعارضة لا وجود له في ثقافتنا الجمعية , وما يعنيه العداء والتماحق , فالمعارضة السياسية تعني إقتلاع نظام الحكم القائم , وتأسيس نزام حكم لن يكون أفضل منه , لأن الشعب في الحالتين يكون موصوفا بالمعارضة ولابد من القسوة عليه , وقهره بأنواع أسباب الحرمان.
فالتناحر ديددن , والعدوانية سبيل ومنطلق نحو بناء سلوكيات المستنقع الآسن المتعفن , الذي تأكل فيه الأحياء بعصها البعض , حتى ينتفي وجودها بعد حين.
والجميع عندما يغنم الكرسي “ يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي”!!
“وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر”؟!!