23 فبراير، 2025 1:08 م

هل يعتبر قانون التعديل قانوناً مستقلا عن القانون المُعدَل؟

هل يعتبر قانون التعديل قانوناً مستقلا عن القانون المُعدَل؟

عند عرض القراءة لنصوص قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية التي كانت توضيحاً لأحكامه القانونية وليس للأحكام الشرعية التي سترد في المدونة الشرعية المزمع تشريعها، لاحظت بعض السادة الافاضل يعترض على ما كتبت، وهو امر طبيعي ومحمود ويسعدني كثيراً، لان الغاية من النشر هو توضيح الصورة الحقيقية للتشريع، ولا تجلى تلك الصورة الا بعرض الفكر والرأي المخالف ومن ثم تقديم الحجج المنطقية والقانونية والشرعية لدعم كل وجهة نظر، ومن خلالها نصل الى افضل فهم للنص، مع التنويه الى ان من مساوئ التشريع ان تكون نصوصه فضفاضة قابلة للتفسير بأكثر من اتجاه، ومع ذلك فان احد الافاضل أشار الى ان قانون التعديل هو تعديل مبطن لبقية النصوص القانون وان قانون التعديل هو الذي يطبق وله الارجحية على بقية نصوص القانون المعدل الاخرى (قانون الأحوال الشخصية النافذ)، ولغرض توضيح ما تقدم اعرض الاتي:

1. ان تعديل النصوص لا يكون الا بصريح العبارة، لان النص القانوني يبقى نافذاً طالما لم يلغى او يعدل وهذا من بديهيات الأمور بالنسبة للمختص في القانون، ولغير المختص فان القانون بنصوصه هو كيان قائم في جسد المنظومة التشريعية، بل يرى جانب كبير من فقه القانون الدستوري بان القانون الذي يحكم بعدم دستوريته يبقى قائما في جسد المنظومة التشريعية حتى يلغى بقانون يصدر عن المشرع وهذا ما أشار اليه الدكتور محسن خليل في كتابه الموسوم (القانون الدستوري والنظم السياسية منشورات منشأة المعارف في الإسكندرية طبعة عام 1987ـ ص172)ـ لذلك فان وجود النص يبقى فاعلاً ويرتب اثاره ولا يمكن القول بانه عُدِلَ ضمناً او كما قال احد الافاضل في تعليق على منشورنا في مواقع التواصل الاجتماعي (التعديل المبطن).
2. افترض أحد الافاضل بان قانون التعديل يسمو على سائر نصوص قانون الأحوال الشخصية النافذ، واستند الى المادة (2/أولا) من قانون التعديل رقم (1) لسنة 2025 التي جاء فيها (لا يعمل باي نص يتعارض واحكام هذا القانون)، وتوضيحا لصاحب القول أعلاه، اعرض الاتي:
ا. ان قانون التعديل ينتهي ويصبح جزءً من القانون المُعدَل (قانون الأحوال الشخصية) والدليل على ذلك، فان العمل يكون بموجب القانون المُعدًل (قانون الأحوال الشخصية)، لان قانون التعديل هو لتحسين النص القانوني الأساس (القانون المعدل) وهذا ما يعرفه اهل الاختصاص، ولا يمكن ان يتصور حصول تعارض بين قانون التعديل والقانون المُعدَل، لان التعارض يكون بين قانونينمستقلين قائمين في جسد المنظومة القانونية، بينما قانون التعديل تنتهي مهمته بتعديل النص القانوني في القانون المعدل، ومن ثم يكون الركون الى هذه التعديلات على انها جزء من القانون الأصل (المعدل)، ومجرد ورود هذا النص في قانون التعديل لا يغير من الواقع شيء، لأننا نبقى نتعامل مع النص الأصلي المعدل، ومن الأمثلة القريبة الى قانون الأحوال الشخصية صدور اكثر من عشرة قوانين عدلت احكامه منذ تشريعه عام 1959 ولغاية الان، وعند تطبيق نصوص القانون التي تم تعديلها لا نذكر قانون التعديل وانما فقط اسم القانون الأصل، لذلك هذه المادة فيها تزيد لا مسوغ له ولا اثر له اطلاقاً، لان قانون التعديل وكما اسلفت تنتهي مهمته ويستنفذ الغرض منه بمجرد صدوره حيث تنتقل احكامه الى النص الأصل (القانون المعدل)
ب. ومن خلال ما تقدم فان التعارض بين قانون التعديل وبين القانون المعدل لا يمكن تصوره، كما لا يمكن افتراض وجود تعديل (مبطن) او ضمني وانما التعديل يكون بصريح القول والعبارة،
ج. لكن أحيانا يحصل تعارض بين نصين في قانونين مختلفين ومستقلين عن بعضهما، عند ذاك نتجه الى القواعد القانونية لفك الاشتباك وإزالة التعارض منن خلال قواعد التفسير اللاحق ينسخ السابق والخاص يقيد العام وغيرها من القواعد القانونية الت يستعين بها المطبق او المنفذ.

وخلاصة القول ان قانون التعديل يُدمج مع القانون المُعدَل ويصبح جزء منه ولا يكون كياناً مستقلاً عنه اطلاقا مما يبعد فكرة التعارض بين القوانين.

قاضٍ متقاعد

أحدث المقالات

أحدث المقالات