18 نوفمبر، 2024 2:49 ص
Search
Close this search box.

الإرتقاء بمستويات النشاط الجمالي

الإرتقاء بمستويات النشاط الجمالي

قدم العلامة الفرنسي (شارل لو) لعلم الجمال مدخلا جديدا ومهما من خلال دراساته النفسية والإجتماعية للنشاط الجمالي إذ وجد أن القوى الجمالية توجد كمشتركات ما بين كل مانفكرُ به ، أي الأشياء التي نراها وتلك التي نستطيع من خلال الإكتشاف رؤيتها فإن هذه القوى ليست موجودة في تلك الأشياء التي نفكر بها فقط وإنما هي موجودة أيضا في وسيلة التفكير أي في الإنسان الذي يفكر وينتجُ تفكيره ما يراه ملائما لسد نقص حاجاته أي أنه مكتشف لقوانينه الجمالية.

لاشك بأن هناك مجموعة من المحفزات الداخلية لدى الإنسان هي التي تصنع الجمال، وهي التي تشكل ذلك التعاطف والمألوفية مع الأشياء التي يعجب بها، فالأشياء التي نراها هي التي تُحدد مكانها في وجداننا بحيث نرمز إليها بأشياء خارجة عن سيطرتنا، أشياء

لامرئية نستحضرها بغياب شعوري تام، فكل الأنماط الأدبية والشعر خاصة يتعامل مع كل الموجودات وغايته في ذلك أن يتمكن من تحويلها إلى أشياء مثيرة للإنتباه، أشياء قادرة على الإيحاء بأكثر من مدلولاتها، أشياء لاتقف عند معنى، أشياء تتمتع بالخصوبة يكمن فيها السر الغامض والمريح ،

إن من أهم عمليات وعي الجمال وتقديره هما الإدراك والخيال ولكي يكون الإدراك والخيال منتجين جماليين وجب تحريرهما من أي من الضغوط سواء ضغوط الموروث أو الضغوط المفروضة عليهما بفعل الحاجة السريعة، إي إعطائهما حريتيهما في التصور والإكتشاف. ولقد اتخذ (كانت) ـ وهو الموقف الغالب للعديد من علماء الجمال ـ هذا المنحى في مفهوم الجمال وتصوره للنشاط الجمالي الذي يتم من خلال الشراكة بين متقابلين، إذ يرى “أن الجمال الطبيعي شيء جميل، والجمال الفني الأجمل لشيء ما”. ولاشك أن هناك طبيعة ساحرة وغامضة وعميقة وهي تمثل بالنسبة للمتأمل عالما خارجيا في وهلته الأولية وهو مرئيٌ ومؤثرٌ ومحسوس وفيه أشكال متنوعة من القيم الجمالية وهذه القيم الجمالية تبتعد أو تقترب لطبيعة التقبل لها بفعل مجموعة المحفزات التي أشرنا إليها

وهذه المحفزات وأبرزها والتي خلقت القدرة على اكتشاف الجمال الظاهري والمخبوء وتقبله ذلك هو الجمال الذي أسس في الذات والذي يعني بأنه جمال ليس اشتقاقيا منقولا من الظواهر الجمالية التي تحيط بنا، إذ ذاك أن التعبير عن الجمال لن يكون وفق هذا الوصف عن طريق إعادته بصفاته أو بمؤثره الخارجي وإنما تعمل مراجعنا الجمالية الذاتية على تصور ذلك الجمال بفعل مؤثر لمنبه حاسة ما يفضي لإخراج جميل مأخوذٍ بفعل داخلي اشتركت في صنعه أزمنة وأمكنة ضمن تحولات السلب والإيجاب في النفس البشرية. إن مستويات التعبير الجمالي أو النظرة إلى الجمال تتباين بنسب ما ضمن الأجناس الأدبية وفي أغلب الأحيان يتصل التعبير الجمالي بمدى الحاجة سواء بالنظر إلى شيء ما في الطبيعة على أساس تحديد قبحه من جماله، وهذه الحاجة أيضا تتصل بتفسيرات عدة وحسب بقاء أو التخلص من الظروف والأسباب التي أدت إلى اعتبارها شكلا جميلا من الأشكال أو عكس ذلك. ضمن هذا التنوع تعددت المدارس الجمالية للإيفاء بذلك السحر أي للتوقف مرارا أمام المعنى الحقيقي الجمالي دون تدنيسه بغايات ما سوى ذلك السلب والإيجاب النقيين اللذين تثور بهما النفس البشرية لإشباع حاجاتها الروحية.

*[email protected]

أحدث المقالات