بالعودة الى الجزء الأول من مقالنا هذا..تحدثنا عن المؤثرات الداخلية والخارجية على تشكيل الحكومة الجديدة، وإنتهينا الى موقف التحالف الوطني من إصرار السيد المالكي على تولي رئاسة الوزراء للمرة الثالثة، وهل سيوافق أعضاء هذا التحالف على ذلك؟ أم أن لهم كلمة أخرى؟.
واقع الحال يشير الى أن مكونات التحالف الوطني، ما زالت مصرة على عدم تولي السيد المالكي للمرة الثالثة؛ بسبب الإخفاقات المتتتالية في دورتين متتاليتين، بالإضافة الى الأزمات التي إفتعلها خلالهما، سواء مع الأكراد أو مع العرب السنة؛ وحتى مع مكونات التحالف الوطني نفسه، الأمر الذي جعل الجميع ينفر منه ويتخذ منه موقفا صلبا، بإتجاه عدم التجديد له لولاية الثالثة، والجميع يعلم القرار الذي إتخذه البرلمان، بأن تكون ولاية رئيس الوزراء لدورتين فقط؛ بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصل عليها في الدورة الثالثة، مع أن هذا القرار مخالف للدستور العراقي الذي لم يحدد عدد لولاية رئيس الوزراء.
التيار الصدري مع أنه يصرح جهارا نهارا، بعدم التجديد للسيد المالكي في ولاية ثالثة، وأنها خط أحمر بالنسبة إليه، لكننا نسمع شيء وواقع الحال شيئا أخر، ذلك لأنهم في الولاية الثانية أيضا كنا نسمع منهم هذا الكلام؛ لكن بمجرد أن منحهم رئيس الوزراء ستة وزارات خدمية، أصبح الخط الأحمر أخضراً بتأثير هذه الوزارات، بالإضافة الى مناصب أخرى، وأخوف ما نخاف منه أن يتكرر السيناريو في هذه الدورة أيضا، ومع أنه مشارك قوي في الحكومة؛ لكنه في أزمة سحب الثقة، شارك مع المجتمعين في أربيل في محاولة سحب الثقة من السيد المالكي، لكن لم يتسن لهم ذلك؛ لعدم إكتمال النصاب المقرر لسحب الثقة.
كتلة المواطن لم تشارك في الوزارة السابقة، ذلك لأنها وبحسب تصريح لقادتها لا يريدون أن يشاركو في حكومة أزمات، حتى أن المنصب الوحيد الذي حصلوا عليه وهو منصب نائب رئيس الجمهورية، تنازل عنه الدكتور عادل عبد المهدي، وبذلك أصبحت كتلة المواطن خارج الحكومة، مع أنها ألزمت نفسها بالتصويت لصالح الحكومة الحالية، وفي أزمة سحب الثقة، لم تشارك كتلة المواطن مع المجتمعين في أربيل؛ ليس حبا بالسيد المالكي، لكن لأن البلد لا يحتمل المزيد من الأزمات، ثم أن البديل مهما كان، لن يكون بافضل منه، فالمواطن في وقتها من المجتمعين أن يجلسوا جلسة مصارحة مع الحكومة، لتشخيص مواطن الخلل في عملها وتعديل مسارها؛ بما يضمن إزالة الإحتقانات الموجودة بين الكتل السياسية، والتي أثرت بشكل مباشر على المواطن العراقي والوضع الأمني والتنمية الإقتصادية للبلد.
السيد الجعفري وهو اليوم رئيس تيار الإصلاح، لم يكن يحرك ساكنا أزاء الأزمات التي تعصف بالبلاد طولا وعرضا، شرقا وغربا، ليس لأنه لا يستطيع أن يتخذ القرار الصحيح؛ لكن لمعرفته بان رئيس الوزراء ليس بمستمع جيد لما سيقوله له، ولأنه كان من المصوتين على الحكومة الحالية؛ فقد إرتأى أن تنتهي حياة الحكومة بسلام، وفي الدورة القادمة سيكون لكل حادث حديث.
الشيء نفسه ينطبق على الإخوة في حزب الفضيلة، الذين وقفوا على التل ( لأنه آمن بالنسبة إليهم)، فهم مشاركون في الحكومة، لكن أيضا لديهم ملاحظات على عملها.
واليوم بعد ظهور النتائج، فإن الإئتلاف الوطني العراقي الحاصل على 77 مقعد، بمواجهة إئتلاف دولة القانون 95 مقعد، مع إصرار منهم على تولي رئيسهم الحكومة للمرة الثالثة، هل سيوافقون مضطرين على تولي السيد المالكي لرئاسة الوزراء للمرة الثالثة؟ أم أن لهم موقف أخر؟
جميع المؤشرات الأولية تشير الى أن الكتل المنضوية في الإئتلاف الوطني العراقي، تأمل بإعادة لملمة البيت الشيعي من جديد، على أن يظهر بقوة أكبر من سابقتها، من خلال آليات لعمل التحالف الوطني الجديد، والتي تحدد ترشيح رئيس الوزراء، الذي يجب أن يكون مقبولا منهم أولا؛ ثم من بقية الكتل الفائزة في الإنتخابات، وبدون هذا فإن أي كلام أخر يعد ( كالنفخ في قربة مثقوبة)، ولأن المالكي وإئتلافه مصرين على موقفهم ( لحد اللحظة على الأقل) فإن الإتجاه الأخر الذي سيعمل عليه التحالف الوطني الجديد، هو الإنفتاح على بقية الكتل، لتشكيل الكتلة الأكبر، على أن يكون رئيس الوزراء من التحالف الوطني، ليكون إئتلاف دولة القانون خارج التشكيلة الحكومية الجديدة.
إئتلاف دولة القانون، أو على الأقل الكتل من خارج حزب الدعوة، والتي تملك أكثرية المقاعد التي حصل عليها الإئتلاف ( بدر حصلت على 22 مقعد، الشهرستاني حصل على 33 مقعد، تنظيم العراق حصل على 16 مقعد) في حين أن حزب الدعوة التابع للسيد المالكي لم يحصل إلا على 13 إلا على 13 مقعد، أيضا لهم طموحات في تولي رئاسة الوزراء، فالسيد هادي العامري يطمح بأن يكون رئيسا لوزراء العراق؛ كذلك الدكتور حسين الشهرستاني ذو طموح كبير لتولي هذا المنصب، فإذا حصل ما توقعناه من سيناريو، فهل سيبقى إئتلاف دولة القانون على حاله؟ هذا ما نشك فيه، ذلك لأن الجميع لديهم مصالح، لن يتم تحقيقها إلا من خلال المشاركة في الحكومة، والأيام القادمة حبلى بالمفاجأت، دعونا ننتظرها.