السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر هو أحد أبرز الشخصيات الدينية والسياسية في العراق الحديث، ترك بصمة عميقة في تاريخ العراق المعاصر بفضل مواقفه الشجاعة وخطابه الإصلاحي الرافض للظلم والطغيان. يُعتبر رمزًا للمقاومة والثورة ضد الاستبداد، وقدّم حياته قربانًا في سبيل قيم العدل والحرية التي آمن بها.
وُلد السيد محمد صادق الصدر في مدينة الكاظمية عام 1943، وسط عائلة دينية عريقة. والده هو السيد صادق الصدر، أحد علماء الدين البارزين في العراق. تلقى تعليمه الديني في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، حيث برز كواحد من أبرز طلاب العلم، متأثرًا بمنهجية المرجعية الدينية الشيعية وتقاليدها العريقة. تميّز بعمق فكره وقدرته على التواصل مع الناس، خاصة الشباب، مما جعله شخصية مؤثرة في المجتمع العراقي.
وكان للسيد الصدر دور بارز في نشر الوعي الديني والسياسي بين أبناء الشعب العراقي حيث أسس حركة دينية وسياسية عُرفت باسم “حركة الصدر”، والتي كانت تهدف إلى إصلاح المجتمع العراقي من خلال تعزيز القيم الإسلامية ومقاومة الفساد والظلم وكان خطابه يتميز بالجرأة والوضوح حيث كان ينتقد النظام الحاكم في العراق آنذاك داعيًا إلى مقاومة الطغيان والدفاع عن حقوق المظلومين.
واشتهر السيد الصدر بمواقفه الشجاعة ضد نظام صدام حسين حيث لم يخشى انتقاد النظام علنًا رغم ما كان يعنيه ذلك من مخاطر جسيمة وكان يرفض الخضوع للسلطة الديكتاتورية ويدعو إلى التمسك بالقيم الإسلامية ومبادئ العدل وقد تعرض بسبب ذلك للعديد من المضايقات والاعتقالات ولكنه ظلّ صامدًا في مواقفه، مما جعله رمزًا للمقاومة في عيون الكثير من العراقيين.
وفي 19 فبراير 1999 اغتيل السيد محمد صادق الصدر مع اثنين من أبنائه في مدينة النجف الأشرف في حادثة أثارت صدمة كبيرة في الأوساط الدينية والسياسية العراقية وكان اغتياله جزءًا من حملة قمعية شنها النظام ضد المعارضين وخاصة من رجال الدين الذين كانوا يشكلون تهديدًا لسلطته أنذاك ومع ذلك لم تمت أفكار السيد الصدر بموته بل تحول إلى رمز للنضال والمقاومة ضد الظلم.
وترك السيد الشهيد إرثًا خالدًا في العراق والمنطقة وأصبح رمزًا للمقاومة والثورة ضد الظلم واستمرت حركته في النمو والتأثير بعد استشهاده وقاد نجله السيد مقتدى الصدر الحركة من بعده حيث أصبحت حركة الصدر واحدة من أهم القوى السياسية والاجتماعية في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وكانت شخصية السيد الشهيد محمد صادق الصدر استثنائية جمعت بين العلم والجهاد حيث قدّم نموذجًا للعالم المجاهد الذي يرفض الصمت في وجه الظلم وكانت حياته سلسلة من العطاء والتضحيات وترك إرثًا لا يزال حاضرًا في قلوب وعقول الملايين ويُذكر دائمًا كشخصية ملهمة قدمت كل ما لديها في سبيل قيم العدل والحرية مما جعله أحد أبرز رموز النضال في تاريخ العراق الحديث. وحمى الله العراق والعراقيين والعلماء من الفتن والمحن والمنافقين والفاسدين