في هذه الأيام يحيي معظم العراقيين مراسيم استشهاد الامام موسى الكاظم ( ع ) ، ولا شك في ان احياء رموز تاريخنا العربي العظيم ، واستلهام العبر والحكم من خلالها ، يضيئ لنا الطريق لاستكشاف اعدائنا واصدقائنا .. ومعرفة الحق من الضلال .. وهكذا نجد كثيرا من العراقيين يحيوون مثل تلك المناسبات بشكل يتنافى مع روح المناسبة ، بل ويتناقض مع الاساس الفكري والروحي لما تحمله من رؤى وابعاد .. ولا سيما في ظل هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق من تمزق وتناحر وتفكك ..!!
ولذلك نجد ان التمثيل الشكلي لهذه الحادثة التاريخية لا يكاد يتجاوز ممارسة بعض الظواهر العقيمة كاللطم والبكاء و العويل .. فضلا عن المغالاة في تعذيب الجسد الانساني واهانته .. مما يُظهر الدين الاسلامي بشكل مشوه .. بعيد كل البعد عن رسالته الحضارية الانسانية ..!! وقد تناسوا قوله (ص) : ليس منا ضرب الخدود وشق الجيوب ،و قول الصادق ( ع) : من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره” .
نقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، و …!! وهم بذلك يتناسون او يتجاهلون الغوص في حقيقة تلك الفاجعة .. وخلفياتها وملابساتها التاريخية ،ذلك ان السبب الحقيقي لمقتل الامام موسى ابن جعفر (ع )هو دس السم له من قبل البرامكة المشهورين على مدى التاريخ بهذه الوسيلة المبطنة من القتل ..!! فأية مفارقة ان نبكي على امامنا الشهيد ، ثم نقلد ونحاكي شعائر من قتله ، ونسير على نهجه ؟؟
فاذا كان فهمنا لسجن واعتقال الامام موسى الكاظم على انه ليس سوى ظلم وجور
افلا يجدر اذن بمن يجوبون الشوارع مشيا على الأقدام رافعين لافتات خضراء وسوداء ان يتذكروا ، ولو للحظات ، ان هناك الان آلافا من العراقيين الأبرياء يرضخون لنفس الظلم والجور في سجون الحكومة الحالية ، ويتعرضون لأشد انواع التعذيب والترهيب ..لأسباب طائفية وفكرية .. وربما شخصية ..!!
الم يكن الأجدر بهم ان يرفعوا في لافتاتهم لا للاعتقال العشوائي .. لا للظلم .. لا لاحتجاز الأبرياء بدون محاكمة .. لا للتعذيب .. لا لاضطهاد الأبرياء في السجون العراقية ، من باب ان المبدأ الانساني النبيل الذي نادى به جميع أأمتنا يقوم على العدالة والحرية .. ولذلك هم ضحوا وقاتلوا وتحملوا العذاب .. لنشر تلك الرسالة
كم ستكون رسالة احفادهم عظيمة عندما تعكس وجها حضاريا إنسانيا باستنكارهم ورفضهم للظلم والاستبداد الذي كان ومازال مستمرا الى هذا اليوم ولكن بوجه مختلف وأسماء مختلفة .. لقد سجلت وللأسف أعداد السجون العراقية في السنوات الاخيرة ارتفاعاً مخيفاً لم يشهد له مثيل ، وسجلت حالات الاعتقالات العشوائية واعتقالات تشابه الأسماء ارتفاعاً مرعبا ..
ناهيك عن شراسة وهمجية التعذيب الذي يتعرض له المدنيين الأبرياء في تلك السجون لكي يقروا ولوا كذبا تحت سطوة التعذيب ان لهم علاقة بجهات ارهابية ومن خلالهم سوف ينتزع الضابط الشجاع الشهم ( رُتبة عسكرية جديدة ) لانه الزم المعتقل باعترافه وان كان كاذبا ، وقد سجلت هذه الجرائم بشكل وثائقي حقيقي
الا يجدر بإخواننا الذين هم الان يرفضون و يستنكرون مظلومية الامام الكاظم بان ينددوا بعذابات آلاف العراقيين الأبرياء الذين يتعرضون للظلم والأظطهاد
في هذه السجون !الم يدركوا ان مشروع البرامكة كان ومازال الى حد هذه اللحظة ساريا المفعول بقتل العراقيين الأبرياء بطريقة مبطنة !!
حقيقة الارهاب الموجود في العراق الان ليس من قبل اُناس بسطاء عاديين ، بل هو من قبل احزاب دينية وسياسية متناحرة فيما بينها تغذيها وتدعمها دول خارجية ومن المخزي ان الأجهزة الامنية عاجزة تماماً عن السيطرة على هذه المخططات الإرهابية بل تغذيها وتدعمها لأسباب طائفية مذهبية ..وللأسف الشديد الشخصية العراقية وكما حللها علي الوردي هي شخصية طائفية بالدرجة الاولى ..فمن الممكن ان تتنازل عن عقيدتها الاساسية كدين ولكن لا يمكنها التنازل عن طائفتها !!
وبالفعل فقد نجحت تلك الاجندات وبشكل سهل من تمرير المشروع الصفوي الذي وقع فيه معظم العراقيين في انتخاباتهم الاخيرة دون ان يعوا حقيقة مخططاته ..! بل البعض يدرك تماماً انه مشروع صفوي ولكنه يتغاضى عنه لأنه يدعم شعائره ويغذيها ..!!
لقد تفنن هذا المشروع الصفوي باصطناع بدع وخزعبلات بعيدة عن شعائر الاسلام ، كتجسيدهم لتابوت الامام موسى الكاظم وبنائهم بأضرحة و.. وهذه من الأمور التي يستميت لها عشقا كل من له توجه طائفي ! علما ان هذه الأشياء لا تحدث في قُم التي هي أيضاً مركز التشيع في ايران ، لأنهم لا حاجة لهم بها بين أبناء جلدتهم ،فهم بحاجة لها اكثر في بلدان اخرى ، وهكذا هي الاستراتيجية الفارسية مشهورة عبر التاريخ بالدهاء والحيلة !!
فكانت الحكومة العراقية الحالية خير مطيع لقراراتهم ومخططاتهم لدرجة انها صارت تخرق القوانين الدولية المتمثلة بالحصار الدولي المفروض على ايران بسبب برنامجها النووي ،وبالتالي فان ايران حولت العراق الى سلة اقتصادية تابعة لها في كسر الحصار الدولي المفروض عليها وهذا ما اشارات اليه العديد من التقارير الامريكية والعراقية في هذا المجال ،مما أثبت بالدليل القاطع دعم الحكومة العراقية للارهاب ومساندته بكل الطرق والوسائل من اجل دعم ايران في اصرارها على المضي قدما في برنامجها النووي ،وهذا بحد ذاته تحدي للمجتمع الدولي متمثلا بالأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية وكسر قرارات عدم الانتشار النووي !! هكذا حكومة تعرض نفسها لمواجهة وتحدي الرأي العالمي من اجل ارضاء المدللة ايران وتحقيق متطلباتها ،فما حال هذه الحكومة التي تسمي نفسها ب (عراقية) تعمد الى ترويض شعبها وتسخير مقدرات بلد بأكمله لأجل مخططات ايران ؟!! فما ابعدها عن عراقيتها الاصيلة وعروبتها الشامخة عبر التاريخ .. هكذا حكومة عميلة استباحت عراقيتنا وشوهت ديننا واستغلت طوائفنا ومذاهبنا يجب ان يحاسبها التاريخ ..
فما أحوجنا اليوم الى التفكير بمستقبل وطن بعيد عن المذهب او الطائفة ، من خلال فصل شوائب عقائدنا وشعائرنا عن مشروع بناء وطن ومستقبل وطن.. لنكون قد نجحنا ولأول مرة من تطبيق منهجنا الاسلامي المتحضر ،وفق رؤية واعية بمتطلبات المرحلة من جهة.. ومسترشدة برموزنا الشاخصة عبر التاريخ .. من جهة ثانية ..