12 فبراير، 2025 1:03 م

الإعلام والمواطنة النقدية

الإعلام والمواطنة النقدية

يرتبط مصطلح المواطنة النقدية في الأدبيات الأكاديمية بمجالات التربية المدنية والدراسات الاجتماعية وفي الإعلام أيضا، وقد تم تعريف هذا المصطلح بأنه قدرة الأفراد على المشاركة الواعية في الحياة المدنية، والدفاع عن العدالة الاجتماعية، والإسهام في العمليات الديمقراطية بوعي نقدي تجاه القضايا المجتمعية، والمرتبطة بالمواطنة عموما.

وتُعتبر المواطنة النقدية في الإعلام مفهومًا حيويًا يركز على أهمية قدرة الأفراد على التفكير النقدي والتفاعل الواعي مع المحتوى الإعلامي، في عصر تتزايد فيه المعلومات بشكل غير مسبوق، يصبح من الضروري أن يتمتع المواطنون بوعي إعلامي يمكنهم من تقييم المصادر وفهم الرسائل المعروضة.

أولاً، يتطلب الوعي الإعلامي من الأفراد فهم كيفية عمل وسائل الإعلام ودورها في تشكيل الرأي العام، ويتضمن ذلك التعرف على الأهداف التجارية والسياسية للمؤسسات الإعلامية وكيف يمكن أن تؤثر هذه الأهداف على المحتوى المقدم. لذا، فإن التفكير النقدي يصبح أداة أساسية في تحليل المعلومات بشكل موضوعي، مما يساعد الأفراد على تمييز الحقائق من الآراء والمعلومات المضللة.

علاوة على ذلك، تعزز المواطنة النقدية المشاركة الفعالة في النقاشات العامة، من خلال التعبير عن الآراء والمساهمة في تحسين جودة المحتوى الإعلامي، يمكن للمواطنين التأثير على قضايا اجتماعية وسياسية مهمة. كما أن القدرة على تحدي المعلومات المضللة تُعد جزءًا أساسيًا من المواطنة النقدية، إذْ تساعد الأفراد على التعرف على الأخبار الزائفة وحماية المجتمع من التضليل.

تنهضُ المواطنة النقدية أيضًا بتعزيز قيم الديمقراطية، عبر تشجيع الحوار المفتوح والمساءلة، وهذا يُقوّي من أداء الحكومات والمجتمعات ويعزز من ثقافة النقد البناء. وفي هذا الإطار، تصبح التربية الإعلامية ضرورة، حيث ينبغي تعليم الأفراد كيفية التعامل مع وسائل الإعلام بفعالية، بما في ذلك مهارات البحث والتحليل والتقييم ،وتشجيع التفكير النقدي عبر المناقشات الجماعية والأنشطة التفاعلية، وتوعية التلاميذ والطلبة بالمخاطر الرقمية مثل الخصوصية والأمان. بالإضافة إلى ذلك، يُعزز التعليم المهارات الاجتماعية من خلال تعليم الطلاب كيفية التعبير عن آرائهم بشكل محترم والتفاعل مع الآخرين، بتوظيف التكنولوجيا في التعليم والمشاركة في مشاريع مجتمعية، فيمكن للمدرسة والمؤسسات التعليمية الإسهام في خلق جيل واعٍ وقادر على التعامل بشكل مسؤول وفعّال في الفضاء الرقمي.

تواجه المواطنة النقدية في عالمنا الرقمي العديد من التحديات، منها:

وفرة المعلومات:مع تزايد كمية المعلومات المتاحة عبر الإنترنت، يصبح من الصعب على الأفراد تمييز المعلومات الصحيحة من المضللة.

المعلومات المضللة والأخبار الزائفة:بانتشارها الذي يعيق قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات مستنيرة، مما يتطلب وعيًا أكبر لكشف هذه المعلومات.

التحيز في خوارزميات الوسائط الاجتماعية: وهي تعمل على تعزيز المحتوى الذي يتفاعل معه المستخدمون، مما يؤدي إلى تضييق آفاقهم وتقوية المواقف المتحيزة.

نقص مهارات التفكير النقدي: حيث يفتقر العديد من الأفراد إلى المهارات اللازمة لتحليل المعلومات وتقييمها بشكل نقدي، مما يزيد من احتمالية الانخداع.

الضغط الاجتماعي:يمكن أن يؤدي الضغط من الأقران أو المجتمعات إلى تبني آراء معينة دون تفكير نقدي، مما يحد من تنوع الآراء.

تأثير الإعلانات :وهي تتداخل مع المحتوى الإعلامي، مما قد يؤدي إلى صعوبة في التمييز بين المعلومات التجارية والمعلومات الموضوعية.

المخاوف من الخصوصية:مما يمنع الأفراد من المشاركة في النقاشات العامة أو التعبير عن آرائهم بحرية.

التحولات السريعة في التكنولوجيا :وتجعل من الصعب على الأفراد مواكبة الأدوات والموارد اللازمة لتعزيز المواطنة النقدية.

تتطلب هذه التحديات استجابة جماعية من المجتمع، بما في ذلك التعليم والتوعية لتعزيز مهارات التفكير النقدي والقدرة على التعامل مع المعلومات بشكل فعال.

تأسيسا على ما سبق، تُعتبر المواطنة النقدية في الإعلام عنصرًا أساسيًا لمجتمع صحي وواعي، حيث تسهم في تعزيز الديمقراطية وتطوير ثقافة الحوار والنقد البناء، مما يسهم في تحقيق مجتمع متفاعل ومبادر.


نادي القلم المغربي – الدار البيضاء
[email protected] [email protected]