نحرير: حاذق , فاطن , عاقل
ما أكثر الفطناء والأذكياء المتميزين في مجتمعاتنا , ونواجههم بالإهمال والإقصاء والتبخيس , وندفعهم إلى مغادرة البلاد والتعبير عن قدراتهم الإبداعية في مجتمعات الآخرين.
فنحن نعطل العقول الفاعلة , ونستضيف العقول العاطلة , ونوفر للناجحين أسباب الفشل , وللفاشلين المزيد من الكسل , ونسلط الأغبياء على الأذكياء , ونرهن مصير البلاد والعباد بالبُقلاء.
والكثيرون منا يقولون لأنفسهم , لو كنت قد ولدت في غير مكاني لكنت صاحب شأن ثاني!!
لماذا نهين عقولنا ونؤجج سوء نفوسنا؟
لا يمكن لشعب مترع بالطاقات الواعدة , والموروثات الحضارية المتميزة , أن لا يجد الوقت الملائم لإنبثاق جوهره الأصيل , مهما تكالبت عليه الظروف وتراكمت التداعيات , فالأصالة لا تنفني , والجوهر لا بد له أن يبين.
في المرحلة الإبتدائية كان الصف يزدحم بالمواهب المتنوعة , وبالقدرات الواعدة , لكن الحرب القاسية أكلت معظمنا , وما نجا منها إلا القلة المحظوظة أو المعضوضة بأنيابها الجائرة.
عند مقارنة شعبنا بشعوب الدنيا يبدو متقدما على العديد منها في عدة مجالات حضارية ومعرفية , فالأمية لا تعني عدم القراءة والكتابة , فما أكثر الذين يقرأون ويكتبون ويحملون الشهادات المتنوعة , ويعيشون أمية مدقعة.
ولا زلت أذكر تلك العجوز الجبلية التي وجدت فيها معلمة نادرة , فكانت صاحبة معارف ومدارك تتفوق بها على أمثالي , فأصبحت تلميذها في مدرسة الحياة , وأنا طبيبها العاجز عن مضاهاتها بما تمتلكه من خبرات حياة وأنوار إشراقية.
فالمتشائمون والقانطون , يتجاهلون الذخائر الحضارية الكامنة في أعماق الأجيال , وهي كالبذور الراقدة في تربة الوجود تنتظر الظروف المؤاتبة لإنباتها , وصناعة المروج الخضراء.
إن يوم السطوع والتوهج الوطني بات قريبا , فالأذهان تفتحت والعقول تفعلت , والإرادات تحمست , والثقة تعاظمت , والكينونة إنطلقت , وغدنا باسل عزيز , وحاضرنا يسير نحو مجدٍ أثيل.
و”ليس ثمة مكان أغلى من الوطن”!!
و”الوطنية تعمل ولا تتكلم”!!