مع مغيب الشمس وقدوم الليل..

مع مغيب الشمس وقدوم الليل..

ينتهي النهار بطول ساعاته الصيفية وقصرها في الشتاء ليبدأ ليلٌ عكسي يجتمع فيه جميع أفراد العائلة بعد عناء العمل في النهار أو نهاية لسفر معين.
عندما تغيب الشمس، يبدأ الظلام التدريجي معلنًا وصول ليلٍ جديد، ولكل فصلٍ ليلٌ وحكاية خاصة وجديدة.
في فصل الصيف، تجد أن بداية الليل ما زالت متصلة بالنهار، على عكس ليالي الشتاء وظلامها الدامس، فمع غروب الشمس يبدأ ليلٌ طويل بساعاته يجتمع خلاله الناس في منازلهم أو الذهاب إلى بيوت أقاربهم وأصدقائهم ضمن برامج وجلسات خاصة تسمى “التعليلة”، وتكون جلسة مفتوحة يسودها المحبة والترحيب، إضافة إلى نوع من العتاب أحيانًا أو ما نسميه عتاب المحبين. ومع هذه الجلسات تجد واجبات الضيافة من أطباق الحلويات والفواكه يضاف إليها سيد الجلسات العراقية الدائم “استكان الشاي”.
وأحيانًا تكون هذه الجلسات خارج المنازل، وخاصة في المدينة، حيث تجد أن الأصدقاء يقضون تعليلتهم في أقرب مقهى أو كافتيريا عامة، وخاصة مع تطور وسائل الترفيه الحديثة وتوجه أغلب الشباب إلى التدخين بواسطة النرجيلة العادية أو الإلكترونية، فتجد المقهى يعج بأنواع الروائح مع الدخان الخارج منه.
وهذه الحالة أصبحت موجودة أيضًا في البيوت وأصبحت جزءًا من تفاصيل التعليلة.
وإذا أردنا أن نعيد عجلات الزمن إلى الوراء، إلى نصف قرن تقريبًا، نتذكر البدائل التي كانت موجودة في ذلك الزمان وربما في نفس المكان، فكانت الجلسات لكبار السن مع القصيدة البدوية والقصة، وربما تجدها متكررة دائمًا بكلماتها ومعناها، إضافة إلى الحديث عن الزراعة ويتخللها “چيس التتن” والشاي وربما أحيانًا بعض أنواع التمور.
أما ربات البيوت والنساء في ذلك الزمان عمومًا، فيكون مسكنهن وسهرتهن مع أفراد العائلة فقط، لأن العادات والتقاليد لا تسمح بخروج المرأة من منزلها إلا للضرورة ومع أحد أفراد عائلتها.
وغالبًا ما تجد في ذلك الزمان أن الجميع مقيدون بأوقات السهرة، فالنوم المبكر والجلوس المبكر هو من العادات الموجودة في الريف في ذلك الوقت.
اليوم أصبح السهر مباحًا حتى ساعات الفجر وأحيانًا إلى شروق الشمس، وربما أغلب العوائل سواءً في الريف أو المدينة أصبحوا لا تعنيهم مسألة شروق ومغيب الشمس ولا يعرفون ليلهم من نهارهم من كثرة السهر والنوم الطويل.
فهل غابت شمس حياتنا ووصلت إلى شفقها الأحمر الدائم دون أن ندري؟