اعلنت الإدارة السورية الجديدة عن إطلاق مؤتمر حوار وطني شامل يهدف الى جمع مختلف التيارات والطوائف لرسم مسار جديد للبلاد بعد كتابة الدستور .
وفي العراق طالب رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني بإعادة النظر في الدستور لتحويل العراق من دولة مكونات إلى دولة المواطنة.
وتثار هذه الأيام قضية مهمة يتردد صداها بعمق مع تحديات المنطقة . حيث يواجه العراق، مثل سوريا، انقسامات كبيرة على أسس قومية وطائفية وسياسية ويحتاج الى مؤتمر حوار وطني لتبني دولة المواطنة لادولة المكونات ، وتغيير النظام السياسي الذي تكتنفه كثير من مظاهر الفساد والمحسوبية ، مع انعدام الخدمات المقدمة للمواطنين و تفشي المخدرات والمافيات .
ولا تزال الحالة الأمنية متقلبة في العراق. وخطر العنف المرتبط بالتوترات الاجتماعية أو السياسية أو الجيوسياسية مرتفع في جميع أنحاء البلاد، مع انتشار السلاح والافلات من العقاب .
ولم تتمكن المنظومة الحاكمة من إكمال المؤسسات الدستورية للدولة ، وفسرت الدستور على مايوافق هواها ، وعملت على تشريع قوانين تمكنها من البقاء في السلطة باي طريقة كانت . وبذلك فان النظام الحاكم في العراق فقد شرعيته .
ويتطلب الامر تنحي رموز السلطة من السياسيين الفاسدين . والعمل على التغيير الحقيقي عبر الوسائل السلمية ، اذا اريد تجنب اسقاط النظام بالقوة . وإلا فالانتفاضة الشعبية على الابواب .
يدرك القائمون على السلطة انفسهم الخلل الكبير الذي تميزت به العملية السياسية منذ بداياتها . وابدوا مخاوفهم وتحذيرهم من حصول التغيير السياسي في العراق بفعل الأوضاع في سورية .
اصبح التغيير مطلبا شعبيا ملحا منذ انتفاضة تشرين عام 2019 والتي حاولت تغيير نظام الحكم القائم على الطائفية والعرقية والمحاصصة .
وتجددت المطالبات بتغيير النظام القائم في العراق بعد إسقاط بشار الأسد في سوريا لتشابه الأسباب في كلا البلدين .
ويمكن لمؤتمر حوار وطني أن يكون بمثابة آلية تحويلية لتعزيز الوحدة، ومعالجة المظالم، وإنشاء إطار قوي للمواطنة يتجاوز السياسات القائمة على الهوية ، من خلال وضع رؤية لدولة تقوم على المواطنة المتساوية ، حيث يتم تعريف حقوق وواجبات الأفراد من خلال هويتهم الوطنية بدلاً من الانتماءات الطائفية أو العرقية .
وكذلك تعديل الدستور بتصحيح المواد الإشكالية التي تديم الانقسام وعدم المساواة، بالتأكيد على المواطنة بدل تقسيم الشعب الى مكونات، كما هو جار الان .
مع ضمان المساواة والعدالة في الادارة بين الفئات والطوائف والتأكيد على حقوق الإنسان .
اضافة الى تجنب ديكتاتورية الأغلبية ، اوهيمنة قوة واحدة، داخليا أو خارجيا، وضمان أن تعكس القرارات توافق آراء جميع المجموعات .
ان وضع آليات عادلة لتوزيع الموارد الطبيعية (مثل النفط والغاز وغيرها) هو الآخر مسألة ملحة للحد من التوترات بين المناطق والمجتمعات المحلية .
لقد فشل سياسيوا العراق في استيعاب وفهم ماجريات الامور في المنطقة ، وحبسوا البلاد في قفص من الاوهام صنعوه بأنفسهم في محاولة لضمان بقائهم في السلطة ، مما جعلهم مكابرين وغير واعين لاهمية التغيير الجذري ، ولم يدركوا ان عواصف التغيير ستطيح بهم ان لم يبادروا في اتباع آليات قادرة على تحويل النظام القمعي الفاسد الى نظام ديمقراطي نزيه يعتمد على الكفاءات ، وقادر على استيعاب الجميع دون الاستئثار بالحكم ، اوالنظر الى عموم الشعب نظرة فوقية استعلائية .
بعد الاحداث في لبنان وانهيار نظام بشار الأسد أصبح النظام العراقي في دائرة الخطر ، نتيجة سياسته البعيدة عن الهوية العراقية والموالية للولي الفقيه في ايران .
ان البقاء على هذه السياسة ، والاستقواء بالاجنبي سوف لن تنقذهم من تداعيات احجار الدومينو المتساقطة الواحدة تلو الاخرى . وعليهم تدارك ذلك قبل فوات الأوان .
وقديما قالت العرب من حُلقت لحية جار له فليسكب الماء على لحيته !
أدهم إبراهيم