من اشهر أقوال جلال الدين الرومي ” هروبك مما يؤلمك سيؤلمك اكثر ، لا تهرب تألم حتى تشفى ” لقد تعودنا ان نصف كل مرحلة دقيقة نمر بها بأنها اخطر المراحل ، والذي يدفعنا إلى ذلك هو الخوف من المعلوم لا من المجهول
في الفترة الماضية تغيرت الخارطة السياسية بعد احداث سبعة اكتوبر فقد شهدت كوارث واقعية تمثلت بتدمير غزة و جنوب لبنان وسقوط سوريا وتمدد الكيان وتذبذب الأوضاع في المنطقة
هذه الأحداث القت بضلالها على الماكنة السياسية العراقية وتلبسها هاجس الخوف من المستقبل بعد المتغيرات التي شهدتها غرب اسيا
ولعل الأحزاب السياسية على مختلف توجهاتها وانتمائها وسلوكها ومكوناتها مرت بثلاث مراحل معقدة وبصور متعددة من اجل النضوج في برامجها الانتخابية وتنفيذها في البلاد
ويمكن ان انطلق على المرحلة الأولى التي عاشتها الأحزاب بداية 2005 ” بطفولية ” في تحكيم لغة الحوار والاندفاع في اتخاذ القرار ، وتعميق الخطاب الطائفي وتداعياتها مع موجة نزوح سكاني في المناطق الساخنة و اقتصرت على بناء طبقاتها النرجسية
ومع دخول الأحزاب 2010 بدأت لديها تتولد مرحلة “المراهقة الطائشة “التي مكنتها من تجذير نفوذها في عمق الدولة ومفاصلها الحساسة وتلذذها بحواسه الغريزية وتشابك شهواتها الجامحة في تعميق سلوكياتها الاحادية أدت إلى سقوط الموصل بيد داعش
وفي نهاية 2015 اكتملت لديها مرحلة” البلوغ النرجسي ” التي شهدت تحرير اجزاء من العراق بفضل فتوى الجهاد الكفائي والقوات الأمنية في مهمتها المفصلية بعدها بفترة ليست بقصيرة حدثت ثورة تشرين نتيجة مراوغة الأحزاب بإجراء الإصلاحات الجوهرية في عمق الدولة
والسؤال المهم قبل الختام هل نضجت الأحزاب بعد عشرون عاما من السلطة ؟ عدم الأخذ بعين الاعتبار تجارب الأحزاب في دول المنطقة والاستفادة من اخطائها اثرت بشكل كبير على التجربة العراقية
فضلا ان الأحزاب دائما تستغل جميع مفرداتها من اجل الاستحواذ على السلطة ولم تقدم برامج تنموية لصلاح الفرد العراقي باستثناء هذه الفترة التي تشهد مشاريع تنموية منظورة وغير منظورة في سبيل عبور المرحلة الحرجة والنجاح سبيل المجتهدين.