10 يناير، 2025 12:11 ص

أوهام السلطة … تفاهة القوة !

أوهام السلطة … تفاهة القوة !

من المتوقع أن يزور رئيس مجلس الوزراء العراقي طهران ، وهي زيارة تتزامن مع تصريحات السيد عمار الحكيم الأخيرة وزيارة الجنرال قاآني لبغداد. هذه الأحداث تفتح الباب لمقاربة بين استراتيجية “النملة والفيل”، التي اشتهرت كأداة رمزية في أدبيات الكفاح المسلح، وأُخذت من رموز مثل تروتسكي الروسي وماو تسي تونغ الصيني. لعل أبرز معانيها تتجلى في كلمات هوشي منه الفيتنامي: “النملة تهزم الفيل”، حيث يتمحور المفهوم حول إعادة توظيف مبادئ حرب العصابات واستخدام المفاجأة ضد عدو أقوى بكثير
النملة الفيتنامية والفيل الأمريكي
إذا راجعنا سياق “الحرب المفتوحة” التي يديرها محور المقاومة الإسلامية ضد الفيل الأمريكي، سواء في صورته الصهيونية أو الأوروبية، نجد فرقًا جوهريًا بين نجاح النملة الفيتنامية في هزيمة الفيل، وبين الوقوع في تفاهة القوة المتمثلة بالسعي نحو أوهام السلطة في الحالة العراقية.. متجسدة في (مفاسد المحاصصة)!!
الحقيقة المؤسفة هي أن نموذج “النمل المجاهد” الذي وُظف في العراق لإغراق الفيل الأمريكي بعد اتفاق واضح على احتلال الوطن، تم استغلاله لإنجاز أجندات خارجية، مثل تصدير نموذج الثورة الإيرانية والدفاع عن حق إيران في امتلاك السلاح النووي.
هذا الثمن الباهظ الذي يدفعه العراق، بدلاً من بناء نموذج مدني لدولة “عراق واحد وطن للجميع”، وقع في فخ المحاور بين الفيل الأمريكي وأوهام السلطة في دول موازية وعميقة. وهكذا بات “النمل المجاهد” ينتظر مغادرة الفيل الأمريكي، رغم أن الحقيقة هي أن رموز السلطة الحاليين في العراق، الذين خرجوا من رحم اتفاقات الاحتلال، لا يزالون عاجزين عن مواجهة الهيمنة الأمريكية، التي تتجلى في أكبر سفارة في العالم داخل بغداد… تمتلك أوراق ضغوط اقتصادية.. تتمثل في سلطة الفيدرالي الأمريكي على ريع النفط العراقي!!!!
تفاهة القوة ومحور المقاومة
في هذا الإطار، تتضح هشاشة القوة التي يدعيها محور المقاومة الإسلامية في العراق، مقارنةً بحزب الله اللبناني الذي نجح لسنوات في مواجهة إسرائيل. الانهيارات المتتالية في المنطقة، مثل الوضع في سوريا وانهيار الهلال الإيراني، تُظهر ضعفًا بنيويًا في هذه القوة المزعومة.
السؤال الجوهري هنا: كيف يمكن الخروج من هذا النمط الفكري والشعارات الإعلامية الجوفاء؟
تصريحات السيد عمار الحكيم الأخيرة قد تكون محاولة لإعادة تعريف العلاقة مع الفيل الأمريكي الصهيوني، الذي يسعى لفرض شرق أوسط جديد عبر الاتفاقيات الإبراهيمية. رغم تأخر هذه المحاولة، فإنها تقدم فرصة لفهم أكثر موضوعية لقدرات العراق على مواجهة التحديات.
مصفوفة حلول وبدائل استراتيجية
لكن، هل يمكن تطبيق مصفوفة حلول استراتيجية للخروج من هذا الواقع؟
شخصيًا، لا أتوقع ذلك. لأن معظم القوى السياسية العراقية مقتنعة بأوهام رمزية مثل “مختار العصر” أو “شيخ المجاهدين”، معتقدةً أن الفيل الأمريكي الذي اتفقت معه على احتلال العراق يمكن هزيمته بنفس الطريقة التي هُزم بها في فيتنام.
هذه الفجوة المعرفية الاستراتيجية دفعت “القوة المجاهدة” إلى مستنقع المحاصصة والفساد. أي محاولة جديدة للخروج من استراتيجية “النملة والفيل” تتطلب إعادة تعريف شامل للعملية السياسية العراقية.
الطريق إلى الإصلاح الشامل
الخيار الأكثر واقعية هو إعادة تشكيل العملية السياسية على أسس الإصلاح الشامل. هذه العملية يمكن أن تكون:
1. طوعًا: عبر توافق وطني شامل يعيد العراق إلى مساره الطبيعي كدولة موحدة ذات سيادة.
2. قسرًا: عبر تدخل خارجي، سواء كان تركيًا بدوافع استعادة الإرث العثماني، أو صهيونيًا مباشرًا.
غياب نموذج “عراق واحد وطن للجميع” سيترك البلاد عرضةً لفيلة جدد، في ظل غياب رؤية استراتيجية موضوعية.
خلاصة القول… “النملة والفيل” كاستراتيجية ليست قابلة للتطبيق في العراق اليوم، لأن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يسمح بذلك. بدلاً من السعي خلف أوهام السلطة أو الشعارات الجوفاء، يجب أن يتبنى العراق مشروعًا وطنيًا شاملًا يستند إلى الواقعية السياسية، الإصلاح الشامل، والتوافق الوطني، للخروج من هذا المستنقع.
من دون ذلك، سيظل العراق مسرحًا لصراعات عبثية، وسيدفع المواطن البسيط الثمن الأكبر… ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات