كوريا الجنوبية قدمت مثالا عن الحرية والكرامة الإنسانية ومعاني الديمقراطية , فرئيسها المنتخب تحسب من وجود قوة مضادة تعمل لصالح كوريا الشمالية , فإجتهد حرصا على السلامة الوطنية وأعلن حالة الطوارئ التي إستمرت لأقل من يوم , بعد أن رفضها البرلمان.
لم يعاقب أحدا أو يقتل مواطنا , لكن الشعب رأى فيما أقدم عليه إهانة له وإنتهاكا للحرية والديمقراطية , فتظاهر ضده وطالب بعزله لأنه أخل بإحترامه لإرادة شعبه الحر الأبي , وما إستنفر القوات للدفاع عن نفسه , بل رضي بقرار السلطة القضائية وإحترم الشعب , وأذعن لإرادته.
فهل يوجد مثل هذا السلوك في بلداننا؟
جرى ذلك في كوريا الجنوبية لأنها محكومة بمنطق الدولة لا بمنطق الكرسي المهيمن على أنظمة حكمنا والمستلب لإرادات الأجيال.
منطق الدولة يهتم بالشعب وتلبية حاجاته ويوفر له الحياة الحرة الكريمة , ومنطق الكرسي يحسب المواطنين أرقاما لا قيمة لها , بل لوجودهم أضرار جسيمة على الكرسي.
هل تستوعب أنظمة حكم الأمة منطق الدولة؟
منذ تأسيس دولها , وهي تحت رحمة الطغيان والإستبداد والحكم الفردي والحزبي والعائلي والوراثي , والقليل منها إستوعبت مفهوم الدولة وسعت لبنائها وفقا لمعطيات زمانها , وأكثرها انظمة تدين بمنطق الكرسي الذي يعادي حتى نفسه , ولهذا كانت في مسيرات صاعد نازل , وينطبق عليها قول الشاعر:
“متى يبلغ البنيان يوما تمامه…إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم”
فما وجدنا فيها بناءً يساند بناءً , بل هدم وتخريب , ومحاولات لمحق ما أوجده السابق , وأراده اللاحق , الذي سيمحقه القادم بعده أو الذي إنقض عليه وإفترسه.
وتردد على مسامع الأجيال , النظام السابق , النظام البائد , النظام العميل , وغيرها من المسميات المتكررة.
فلن يكون في دولنا نظام حكم كما في كوريا الجنوبية , ولو واجه أي رئيس ما واجهه رئيسها , لسالت دماء الأبرياء , وصار الحكم بالحديد والنار , وكل مَن يرفع صوته ضد الظلم خائن يستوجب الإعدام.
وتلك أحوال الشعوب الحرة!!
د-صادق السامرائي