يخطيء من يتصور ان عملية التصميم او عمل المصمم ينتهي بمجرد وضع تخطيطاته واشكاله علي الورق، ذلك ان هذه العملية لا تعدو كونها تصورات لما ينبغي ان تكون بعد كل المراحل الطباعية، عليه لابد للمصمم ان يكون ملماً وعارفاً بكل مراحل العمل الطباعي، ان ثمة علاقة دقيقة ومتداخلة مابين التصميم ومعلومات المصمم للتقنية الطباعية بل الاكثر دقة، هو ان بداية عمل التصميم يعتمد اولاً وقبل كل شيء علي القياسات والمساحة المتاحة للطبع مع الاخذ بالحسبان ما تحتاجه مكائن الطبع من مساحات اخري خارجة علي حدود التصميم المقدر للمصمم، فكثيراً ما يقع المصمم في مشاكل مابعد انتهاء عملية الطبع ويظهر شكله مرتبكا وغير منتظم اذا لم تكن حساباته دقيقة لتفاصيل العمل الطباعي. ربما يستسهل المصمم الان عمله بعد تطور اجهزة الكومبيوتر بحيث يستطيع الان ان يري مساحات التصميم امامه بكامل تفاصيلها خلافاً لما كان يجري في السابق، اذ كان يعتمد المصمم خياله وتصوراته لما يمكن ان يظهر بعد الطبع، ولكن هذا غير كاف ايضاً، لأن ما يراه من الوان في اجهزة الحاسوب هي ليست الالوان التي تظهرها الاحبار الطباعية، وتقنية العمل في المكائن والتي تعتمد علي الضغوطات ونوعية الورق وسمكه ومهارة عامل الطبع اضافة الي تعدد الالوان ومساحاتها، وقبل ذلك حداثة وامكانية مكائن الطبع وسرعتها في الانتاج، كل هذه العوامل وغيرها لابد وان تكون حاضرة وواضحة في ذهن المصمم لكي يضمن نجاح العمل واتقانه، هذا بالاضافة الي تقديره لما يمكن ان يحدث في مراحل تصحيف المطبوع بعد عملية الطبع. اننا امام صناعة كبيرة وواسعة ومفصلة، ومكونات هذه الصناعة عدة مراحل احداهما تكمل الاخـــــري، بل اذا حصل اخفاق ما في مرحلة ما، فأن العمل سوف يظهر مرتبكاً، وربما يتلف ولا يمكن ان يظهر الي الوجود، وعليه تترتب خسائر مادية فادحة وكبيرة. اعود واكرر على ان التقنيات الحديثة المتمثلة في اجهزة الكومبيتر لايمكن ان توفر للمصمم افكارا لصناعة الشكل الا في حالة سرقة افكار الغير ، وماأكثرها هذه الايام ، بل اصبحت هي السائدة ، لان التعامل بواسطة هذه الاجهزه يمكن ان يتيح للمصمم السرعة والاختزال في العمل فقط ، لكن لايعطيك ابدا مفردات كينونة العمل الفني المراد اخراجه ، وهنا تكمن براعة الفنان المصمم في التحكم المطلق بتقنية هذه الاجهزة وان يجعلها تتطاوع مع تصوراته وافكاره لما يمّكن من خلق الشكل النهائي الذي تم التخطيط له سلفا . وخلافا لذلك نجد وللاسف الكثير ممن احترفوا هذا الفن المعقد باستسهالهم استخدام الكومبيتر واشاعوا ثقافة فنية مضطربة وفوضوية لاتستند الى القيم الجمالية والحرفية الامر الذي ادى الى افساد الذوق العام بل وانعكس ذلك على قيمة الفنان المصمم المحترف والى تخصصه المهم والمحترم . اعود الي السؤال الذي طرحته بصيغة عنوان لهذا المقال:
فن التصميم: هل هو حرفة ام موهبة ام ثقافة؟
والجواب: هو كل ذلك واضيف هو حس انساني وتعبير وجداني لايصال فكرة ماهدفها ان تخدم وتريح المتلقي، وتفرح وتسعد الكاتب او المنتج .