احرار العراق يعرفون ماذا فعل الانكليز ؛ عندما احتلوا بلاد الرافدين , فقد اقتطعوا اجزاء كبيرة منها واضافوها الى دول الجوار , ولم يكتفوا بذلك بل انهم سلموا الحكم للغرباء والدخلاء من بقايا العثمنة والاصول الاجنبية والجذور غير العراقية الاصيلة ؛ وسلطوا شذاذ الافاق على ابناء الاغلبية والامة العراقية طيلة 83 عام تقريبا ؛ اذ ساموا العراقيين سوء العذاب , وبعد التضحيات الجسام والمصائب العظام , وبعد ان سالت انهار من الدماء الزكية , وبعد ان امتلأت ارض العراق بالمقابر الجماعية والسجون والمعتقلات وغرف واقبية التعذيب , وبعد ان شاع الجهل والخوف والمرض والتخلف , وضاقت الدنيا بما رحبت ؛ ضج العراقيون الاصلاء في الداخل والخارج يطالبون المجتمع الدولي بتخلصيهم من الطغمة الهجينة وانقاذهم من سطوة السفاح العميل صدام ؛ استجابت الولايات الامريكية المتحدة لاحبا بالعراقيين بل خوفا على مصالحها ؛ وهذه الاستجابة جاءت متماهية مع النهج الديمقراطي الامريكي ؛ اذ اضحت الشعوب لا تقبل بحكم الاقلية , ولعل سقوط بشار الاسد وحكم الطائفة العلوية وسيطرة الطائفة السنية على سوريا ؛ من الشواهد على هذه السياسة الجديدة في الشرق الاوسط , وها هي ايران خير شاهد على ما نقول ؛ فعلى الرغم من تعدد العوائل الحاكمة والانظمة السياسية المتغيرة ؛ والمتغيرات والتحولات السياسية المختلفة لا يخرج الحكم عن دائرة الاغلبية الشيعية الايرانية وكذلك الامر في اذربيجان ؛ الا في منطقة الشرق الاوسط اذ يصر الانكليز على معادلتهم الظالمة وقسمتهم الضيزى , بضرورة حكم الاقلية السنية في العراق والبحرين ؛ لغاية خبيثة في نفوسهم , ولم يغمض للإنكليز جفن منذ مشاركة الشيعة في العملية السياسية الجديدة وبمعية السنة والاكراد وبقية مكونات الامة العراقية , فقد وضعوا مختلف العراقيل امام الحكومات العراقية وتعمدوا الاساءة اليها بشتى الوسائل الاعلامية والطرق الخبيثة , وعارضوا الامريكان منذ الوهلة الاولى , وها هم اليوم يضغطون على الامريكان وبمساعدة الالمان والفرنسيين وغيرهم ؛ من اجل ارجاع عقارب الساعة الى الوراء والمجيء بالفئة الهجينة والاقلية السنية الى الحكم مرة اخرى , وبصورتها البعثية المقززة وصبغتها التكريتية البشعة .
لم ولن ينصف الانكليز الحاقدين شيعة العراق قط , وكيف ينصفون الشيعة وهم يعلمون علم اليقين , ان حكم الاقلية يعني حرمان الاغلبية من 70 % من الموازنة , وابقاء مدن ومحافظات الوسط والجنوب على حالها ؛ فطوال حكم الاقلية 83 عام والبصرة محرومة من ابسط الحقوق حتى ماء صالح للشرب لا يوجد فيها ؛ ولو حكمت الاقلية السنية كالدولة العثمانية العراق 500 عام لما تغيرت اوضاع الجنوب والوسط او تحسنت احوال الشيعة وتطورت حياة الاغلبية ؛ فعلى الرغم من كل التحديات والصعاب التي واجهت الحكومات العراقية المنتخبة ؛ استطاعت تحقيق الكثير من المكاسب والمنجزات , ولأول مرة في التاريخ يخلو العراق من الجوع , وترتفع معدلات الثراء والرواتب واعداد الذين يتقاضون منح ورواتب من الدولة والبالغ عددهم بحدود 10 مليون تقريبا وهي النسبة الاعلى في كل دول العالم ؛ والتي تستهلك 70 % من الميزانية التي كانت تصرف على الغرباء والاجانب ايام حكم الاقلية والطغمة الصدامية , وصار العراقي الاصيل يشيد الدور الحديثة ويسكن في الشقق الفاخرة ويشتري احدث السيارات ومن شتى المناشئ العالمية ويجوب دول العالم , وصرنا نشاهد الاطعمة اللذيذة والاشربة المختلفة في الشوارع وعلى قارعات الطرق , وتوزع على العراقيين مجانا , في المناسبات الدينية والاجتماعية , ولأول مرة في تاريخ العراق المعاصر لا توجد خدمة عسكرية الزامية او سجون للمعارضين السياسيين واصحاب الآراء المختلفة او تقييد لحريات المعتقد والرأي … الخ .
والله وبالله وتالله لم ولن يقبل احرار الاغلبية والامة العراقية بذهاب الحكم من الاغلبية , والرجوع الى مربع الاقصاء والتهميش والظلم والجور والدكتاتورية , وتفضيل الغرباء على المواطنين الاصلاء , فان كنتم عزمتم على التغيير ؛ غيروا ولكن ضمن دائرة الاغلبية العراقية وبطريقة ايجابية سلمية لا تخرج عن دائرة التداول السلمي للسلطة والديمقراطية ؛ كما كنتم تفعلون طوال 83 عام من حكم الاقلية السنية اذ لم يخرج الحكم من دائرتها قط , ولو كنتم تتحلون بذرة من العدالة والانسانية لأعطيتم الاغلبية العراقية فرصة حكم العراق ولمدة 83 وبمشاركة بقية مكونات الامة العراقية ؛ مثلما حكمت الاقلية السنية العراق وطوال 83 عام وبصورة مركزية لا يشاركهم في الحكم احد من ابناء الاغلبية والامة العراقية .
وللحديث بقية …