بين المسيحية والأسلام العديد من المسارات والمرتكزات المتباينة ، والتي تستوجب الوقوف عندها بعقلانية : * المسيحية ، تمركزت في كل مفاهيمها حول المسيح فقط ، بصفته ” مخلص العالم ” ، وحتى الأناجيل الأربعة ، التي كتبت بفترات مختلفة ” أنجيل متى كتب سنة 60 م ، وأنجيل مرقس كتب سنة 65 م ، وأنجيل لوقا كتب سنة 60 م ، أما انجيل يوحنا فكتب سنة 85 م / نقل من موقع منتديات الكنيسة ” ، كتبت كلها توثيقا لحياة وسيرة وتعاليم المسيح ، من الولادة حتى الصلب فالقيامة . أما أعمال الرسل ، فكلها تشير وتؤكد أيضا على البشارة والخلاص بالمسيح . وبعد ذلك بحقب وعقود ، ظهرت الكثير من الطوائف والملل المسيحية – مع بعضها فروقات مذهبية ، ولكنها كلها تعتبر أن المسيح هو : ” الطريق والحق والحياة “. خلاصة القول : أن المسيحية ترتكز ، على أنها ليست ديانة بالمعنى الشائع كباقي الديانات الأخرى ، بل هي طريقة حياة على هدى المسيح .
* الدول المسيحية الأن ، جعلت الدين مقدسا ، ولكن فصلته عن أنظمة الدولة المدنية ، التي أنتهجته ، وذلك على أعتبار أن الدين – هو تواصل ثنائي بين الفرد وربه ، من ثم أتجهت الدول ، بكل طواقمها المؤسساتية للعلم والبحث ، ولم تحيا بلبوس الماضي السحيق ، بل توجهت للمعرفة من أجل التطور والوصول الى أعلى درجات الحضارة ، وفي كل المجالات .. تاركة الدين لرجال الكنيسة ، لذا كان حاضرهم من أجل مستقبل أفضل .
* أما الأسلام كعقيدة وممارسة دينية ، فأنه يختلف تماما عن المسيحية ، ولم يكن محمد هو المرتكز في هذا المعتقد .. ولكن من جانب اخر ، كان للحقبة المحمدية الأثر الكبير على الدين ، ولكن هذا الأثر أنحسر بتعاقب الحقب الزمنية ، ففي حقبة الخلفاء الراشدين ، الحبلى بالأحداث / مقتل أغلب خلفاء هذه الحقبة أغتيالا ، ومن ثم حقب الصحابة والتابعين .. في كل هذه الحقب كان لهم ، مسائل الحلال والحرام ، ولهم أعراف وتقاليد وتحزبات .. كل هذه الأمور كانت في جانب ، ولكن الأثر الأكبر ، هو أن السلطة والحكم كان تحت مظلة الدين ، هذه الحقب بعد محمد ، لم تكن محمدية ، ولم يكن محمد المرتكز والمحرك للحياة – لا دينيا ولا أجتماعيا ولا قبليا .. المؤثر الرئيسي هو كيفية الوصول الى الخلافة بأي ثمن ” وأنموذج هذا هو مقتل الحسين بن علي ” بعيدا عن محمد وآله ، وليس من أثر لدعوة محمد في كل هذه الحقب ، فكل حقبة ، لها فقهائها وأئمتها وشيوخها وكتبها . والأسلام كعقيدة ، أولد الكثير من المذاهب والفرق ، وتكلم بهذا محمد ” وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل : من هي يا رسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم ، وقال: صحيح على شرط مسلم ” ، وحدثت الكثير من الوقائع والأمور ، خلال هذه الحقب ، منها : أزمة / محنة ، القرآن في زمن الخليفة المأمون 170 – 218 هج ” هل القرآن مخلوق أو أن القرآن هو كلام الله الأزلي ” .. وبرز الأئمة الأربعة ” الإمام أبو حنيفة النعمان – الإمام مالك بن أنس – الإمام محمد بن إدريس الشافعي – الإمام أحمد بن حنبل ” وكذلك برز الشيعة / بفرقهم .. هذه الأحداث – التي سردت دون ترتيب زمني ، وغيرها جعلت لكل حقبة أسلامهم الخاص بهم ! ، بعد أن كان أسلاما واحدا في الحقبة المحمدية .
* الأن .. المنظمات الأسلامية الأرهابية / القاعدة وداعش … والأخوان والسلفيون والدعاة وغيرهم ، يؤسسون لعودة الأسلام الماضوي ، ولكن على أي أسلام يريدون العودة !! – لا نعرف ! ، وعلى أي فرقة أو طائفة أو مذهب – أيضا لا نعرف ! .. فالكل يتحرك بمسارات عقائدية عبثية !! .. فالعرب المسلمون ، أشكالهم الرئيسي هو العودة للخلافة الأسلامية / بأي شكل من الأشكال ، المتشكل في الحقب السحيقة ، لذا أصبح ماضي المسلمين هو حاضرهم ومستقبلهم ، وهذه هي الكارثة .