في صباح الخميس المصادف 21 نوفمبر 2024 , استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض الفيتو ضد قرار هيئة الأمم المتحدة حول وقف غير مشروط لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة بحجج تافهة لا تمت بصلة بكل الخطب والتصريحات السياسية الأمريكية السابقة والمتعلقة بالحرب منذ عملية طوفان الأقصى ,
وهذا القرار العدواني بمعناه الحقيقي سينضم الى العديد من القرارات الخاصة بالفيتو الأمريكي ضد الشعب الفلسطيني , فضلآ عن كونه يعد بمثابة الجرس الأخير الذي ينبه الشعوب الى إيقاف عزلتها عما يجري في غزة المحتلة من حرب إبادة ,
ومعها حكام التطبيع ذوي الأثر البارز على تشجيع امريكا والكيان المحتل على تلك الإبادة , المنشغلين بالنوم بعد قضاء الليالي بالسهرات الماجنة ليستيقظوا من تخطيطات السياسة المخادعة والميتة التي عمدت بها امريكا الى خداعشعوب العالم بأجمعهم ,
والتي لن تكون الأخيرة بعد عملية طوفان الأقصى للإستمرار بالجرائم التي يقترفها ذيلها الصهيوني المحتل في المنطقة العربية من ناحية , وان يستيقظوا من إنشغالهم بالأكاذيب التي يروّج لها الصهيوني بلينيكن والحكام المرتعدين من ضجيج الحرب ,
الذين لم ينتابهم القلق على مصيرهم ومصير شعبهم العربي الشقيق الذي يتعرض للإبادة الجماعية اليوميةوالحصار الإقتصادي امام اعينهم النائمة , أو ادركوا ان مصيرهم من امواج الحرب الصهيونية الواعدة ستكون اسوأ من امواجها على غزة من ناحية اخرى .
وان امر الفيتو يفسر انه ليس سوى سوط أمريكي معرقل للجهود الرامية الى إيقاف حمار الحرب الصهيوني خدمة لأهداف امريكية بعيدة المدى , وان امريكا بعيدة عن الرحمة بالعالم وان كل مادعت وتدعو اليه من تصريحات سياسية لإيقاف محدود او دائم لإطلاق النار في غزة على لسان بايدن وبلينكن وسوليفان وبوريل ,
انما كانت محض هراءً باستراتيجية سياسية كارهة للحق العربي , ولعبآ بالضباب مع العقول الساذجة والمغفلةليتعثروا بها طويلآ عن كشف الحقيقة وسرعة إيجاد الحلول الناجعة لردع الصهيونية وايقاف طبول الحرب السود التي تقرعها بالنيابة عنها ,
وان امريكا كانت ولاتزال هي صاحبة القرار الحقيقي فيإيقاف حصان عربة الحرب الصهيونية قبل ان يمتد دخانها في ارجاء سماء المنطقة , لأنها ذات اهداف حددتها للكيان الصهيوني كونه جزء من بنية الأدوات العميلة التي اقاموها لتحقيق اهدافهم بالعالم و بالمنطقة ,
والحلول لإشكالية السياسة الأمريكية التي انجبت الحروب وتنصيب العملاء على حكم الشعوب بشكل عام والتي ترتعد منها امريكا والصهيونية هي اولآ ; الدعوة الى عقد مؤتمر عربي – اسلامي يتم فيه الإعلان عن تحمل رؤساء المؤتمر لمسؤولياتهم الأخلاقية والدينية ازاء مايجري في غزة ولبنان والتراجع عن سياسة التطبيع مع العدو الصهيوني والتهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع امريكا والدول الداعمة لها ,
ثانيآ ; التهديد بالوقوف المعنوي مع روسيا الإتحادية في حربها مع اوكرانيا , لأنها الهدف الأمريكي الذي تسعى اليه وتتماهى معه في الحرب على غزة للسيطرة على العالم بعد الإنتصار بالحرب , ثالثآ ; طرد كافة البعثات الدبلوماسيةواي وجود عسكري من المنطقة العربية والإسلامية واصطفاق ابواب التعاون الإقتصادي بشكل تام مع امريكا ,
رابعآ ; لاتستثنى اي علاقة او جهد مع الولايات المتحدة دون ان يقطعان كونها لا معنى لهما بالواقع العملي السياسي طالما هما من اجسام المدار السياسي الذي اختطته امريكا بلا شرعية قانونية و أخلاقية للسيطرة على العالم ,
خامسآ ; الإعلان عن ان جميع العلاقات السياسية والإقتصادية والعلمية مع امريكا ثبت انها كانت في حقيقتها حلقات سياسية تجسسية وظفتها بشكل منهجي للعمل الإستخباري – التجسسي للهيمنة على ثروات الشعوب , وهي تضع مستقبل الشعوب التي تتعامل معهاتحت طائلة الحروب التي ستصنعها لهم عندما تقترب الساعة وعلى غرار احتلال الأراضي الفلسطينية ,
سادسآ ; الإعلان عن النيّة بتغيير مكان هيئة الأمم المتحدةانطلاقآ من كونها لاتجد بالوعي الإنساني ان حق النقض الفيتو هو المعيار الأساسي بتثبيت وإزالة الشعوب من على وجه الأرض وان كل الجهود البشرية الهادفة الى اعلاء ذلكالوعي الذي يفكك مشاكل شعوبها بالحلول العقلانية التي تحافظ على وجود اوطانها وعلى توفير الحياة الحرة ,
هي مضيعة للوقت إن لم يكن مرتهنآ بأيدي القوى العظمى ,وهذه القوى كما نراها الآن تتناقض بشكل تام مع الهدفالأساسي من انشاء هذه المنظمة , اما إذا تعذر أمر التغيير , فإن الدعوة الى انشاء منظمة خاصة بدول المؤتمر تضع معيار الوجود الوطني وشكله المستقل عن امريكا وعن القوى الأخرى صاحبة الفيتو ,
انموذجآ للتعامل مع شعوب العالم الأخرى , واعتبار هذا الإعلان حق من حقوق نقد هذا التناقض التام مع تحقيق المصير للشعوب المجتمعة , وسيكون , عندئذ , تأثيره على امريكا والصهيونية العالمية اقوى واقسى من العملالعسكري النووي من الناحية المنطقية ,
وسيكون هذا الإعلان الذي ظل مختفيآ منذ الحرب العالمية الثانية والى الآن عن انقاذ الشعوب من هيمنة بريطانيا وامريكا , هو المنقذ لمصيرهم في المستقبل , اما عبيد المناصب الذين ” قست قلوبهم وزيِّن لهم الشيطان ماكانوا يعملون ” والذين تم تنصيبهم من قبل امريكا وبريطانياكبدلاء عن قادة بأنماط الوطنية والثورية ,
ليكونوا عملائها وخاصة بالمتاجرة بالمواقف السياسية من جانب , وليغظوا الطرف عن استبدال الوجود الإنساني الأخلاقي بالوجود المكرّس بشكل مهذب لثقافة الشذوذ والحروب البربرية والإجرام الذي تقوم به حكومتيهما في مقابل جلوس هؤلاء على العروش وكراسي الحكم ,
فهؤلاء لاشك سيعرقلون عقد مثل هذا الإجتماع والإعلان على حد سواء وسيقولون ان دورهم سيكون خروجآ عن المألوف الذي تبنّوه وزعموا فيه أن مايجري في غزة هو من نتاج وعي مضطرب لدى السياسيين الفلسطينيين وانقسام داخلي فيما بينهم , وهذا يكشف انهم بهذا الزعم المضلل انهم مازالوا مصرّين على خدمة امريكا و مصالحهم الشخصية التي يستشعرونها كالماء العذب في مناطقهم الصحراوية ,
متناسين ان البقاء مع امريكا هو بقاء حقيقي مع الشيطان في سوق تبادل عملات البيع والشراء بالمواقف الدولية , وانهم مازالوا مهتمين على إدارة بلدانهم على شاكلة الإدارة الغربية التي تقودها فئة من الحكام العنصريين بلا حواجز اخلاقية صارمة ليقفوا خلفها بعيدآ عن الشيطان الأمريكي ,
واذا لم يتم ذلك الإجتماع ولا الخروج بالإعلان المذكورلحجج ودواعي كثيرة أهمها ان امريكا ستقوم بفرض العقوبات الإقتصادية أو غيرها كالحرب مثلآ , فيترك للقاري الحصيف ان يقرر بحسه الصارم على نوع التعليق الذي يليق بموقف هذه الدول وفقآ للمباديء والقيم الإنسانية ,
ولكن لمخاطبة خيالات المجتمعين نقول : هل ستعاقب امريكا دول منظمة التعاون الإسلامي وعددها سبعآ وخمسين دولة ؟! ام تحاربها وهي موزعة على اربعة قارات ؟!
الجواب : عندما يدرك المجتمعون للإعلان ان اسقاط مايشاهدونه الآن من احداث متناقضة مع مبادئهم وقيمهم الإنسانية على ارض الواقع البعيد الذي ترنو اليه امريكا وتلوح به من خلال بربرية واجرام ذيلها الصهيوني قبل حدوثه ,
لاشك له مردودات غير متوقعة تضيّع الفرصة على حدوثه وتحول اهتمام العالم الغربي الذي لايجد نفسه إلا بإتباع سياسة الموازنة بالعلاقات للتكيّف معهم , وهذه هي الإشكالية التي تتردد بها الدول الإسلامية وربما على درجات متفاوتة عن تجسيد هذا الواقع على نحو فعلي ,
ختامآ , فيما قدمناه تبقى الآن وليس غدآ غاية الإعلان هي الصورة المميزة والعلاج الى تحقيق الإستقلال للدول المختلفة بالحجم والموقع عن مغامرات امريكا والدول الغربية التي تجلّت في فلسطين المحتلة واوكرانيا كما تجلت من قبل في فيتنام وكوريا واليابان وافغانستان والعراق .